النتيجتين على الأخرى في الفقه قولنا في الزنا إنه لا يوجب حرمة المصاهرة لأنه وطئ لا يوجب المحرمية وما لا يوجب المحرمية لا يوجب الحرمة وهذا لا يوجب المحرمية فإذا لا يوجب الحرمة ، والمشترك في المقدمتين المقرون بقولنا لأن المحرمية وهي ليست علة الحرمة ولا الحرمة علة لها ، بل هما نتيجتا علة واحدة. وحصول إحدى النتيجتين يدل على الأخرى بواسطة العلة ، فإنها تلازم علتها والنتيجة الثانية أيضا تلازم علتها وملازم الملازم ملازم لا محالة. فإن ظهر أن المحرمية علة الحرمة لم يكن هذا صالحا لأن يكون مثالا لغرضنا. وأما مثاله في العادات فجميع الأدلة في علم الفراسة ، فإنه يستدل بالخلقة والمزاج على الخلق لا لأن أحدهما علة الآخر ولكن كلاهما بحكم جريان العادة نتيجة علة واحدة ، حتى يقال في علم الفراسة الإنسان إذا انضم عظم أعالي يديه وصدره ووجهه إلى عظم عرضه واتساعه كان شجاعا قياسا على الأسد ، والشجاعة واتساع الصدر ليس أحدهما علة للآخر ولكن عرف باستقراء الحيوانات تلازمهما فعلم أن علتهما واحدة وأن أحدهما يدل على الآخر عند شروط أخر مضمومة إليه كما يستقصى في ذلك العلم. وقد كان الشافعي رضي اللّه عنه ماهرا فيه وصادق الحدس في التفرس ، وهذا العلم يتداعى إلى عجائب عظيمة حتى أن الناظر في كتف الشاة يستدل بما فيها من الخطوط الحمر على جريان سفك الدماء في السنة وما فيها من النقط على كثرة الأمطار والنبات ويصيب فيها ويعلم قطعا أن حمرة خطوط كتف الشاة لا تكون علة تقاتل السلاطين ولا النقط فيها علة كثرة النبات والأمطار ولا معلولا لها ، ولكن لا يبعد من عجائب صنع اللّه تعالى أن يكون في الأسباب السماوية سبب واحد يتفق في تلك السنة فيكون علة بحكم إجراء العادة لحياة في أعضاء الحيوانات وتشكلاتها وفي أسباب كثرة الغيوم وفي أسباب تواحش القلوب التي هي أسباب التقاتل التي هي أسباب سفك الدماء ، وإنما يستنكر هذه العلوم الجهّال الذين لا خبرة لهم بعجائب صنع اللّه تعالى واتساع قدرته.