ذلك قول بعض الكفرة ، أعني الذين يفعل بهم في النار كيت وكيت ويخترع على ذلك حكايات ، مثل أن يقال إن فلانا كان ممن يعتقده فأصبح وقد مسخه اللّه كلبا وإن فلانا يسمع من قبره صياح الكلاب لقوله بكذا وكذا فلا يزال يترسخ في نفس الصبي ذلك على التدريج من حيث لا يشعر كما يرسّخ النقش في الحجر ويتعذّر على كل العلماء دواه بعد الكبر مثل العلة المستحكمة التي تجاوز معالجتها قدرة الطبيب ، ولا فرق بين مرض القلوب ومرض الأبدان نعوذ باللّه منهما. وأما أنت وإن لم ينته تقليدك إلى هذا الحد فاحذر أن تكون من جملة من يعتقد شيئا خفيا استحسنته وصدّقت به من غير دليل واستبشعت خلافه فأبيت التصديق بضده لكونه شنيعا قبيحا. واعلم أن الحق غير الحسن والشنيع غير الباطل ، إذ رب شنيع حق ورب محمود باطل. فإن إنكار كون اللّه على العرش وكون الحروف قديمة شنيع عند أهله وتجويز ذبح الحيوانات شنيع عند طائفة كما أن إيلام البريء من غير غرض شنيع عند الجماهير ، فاحترز من هذه المغاصة تسلم من إحدى مكايد الشيطان واعرض ما صدّقت به على نفسك. فإن كان امتناع التشكّك فيه مثل امتناع التشكّك في أن الاثنين أكثر من الواحد فاعلم أنه وجه حق.
المدخل الثاني : أن يكون الخلل في الصورة وهو أن لا يكون وضعه داخلا في نمط من الجملة المذكورة ، وذلك بأن تكون النتيجة مطلوبة من مقدمة واحدة بالحقيقة ، وأعني بها ما ليست من مقدمتين أصلا أو تكون من مقدمتين بالقوة ولكن ليس فيهما واسطة مكرّرة يقع بها الازدواج والاشتراك. وعدم الاشتراك إن كان في اللفظ والمعنى يسهل دركه ، إذ يعلم أنه لا تحصل نتيجة إن قلنا السماء فوقنا والشمس أصغر فإنهما مقدمتان لا يتداخلان. وإذا كان الاشتراك باللفظ لا بالمعنى فلا يكون ذلك إلا بسبب استعمال لفظ مشترك كلفظ المختار وسائر أقسامه التي ذكرناها وإن أهملنا بعضها وننبّه الآن على أمور خفية مما أهملناه ليستدل بها على ذلك وهي أربعة :