الكفارة في الاعتبار. والدرجة الثانية أن يكون بطريق المساواة كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم «من أعتق شركا من عبد قوم عليه الباقي» فقلنا الأمة كذلك من غير أن نبيّن هاهنا علة سراية العتق ، كما لم نبيّن في المثال السابق علة وجوب الكفارة. ولكن نعلم أنه لا فارق إلا الأنوثة وأن الأنوثة لا مدخل لها في التأثير فيما يرجع إلى حكم الرق وهو ظاهر ، بل ذلك كما لو حكم عليه السلام بالعتق في غلام كبير ، لكنّا نقضي في الصغير ولو قضى في عربي لقضينا في الهندي وعلمنا أنه مساو له. وإذا سجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لسهوه في الصبح نعلم أن الظهر وسائر الأوقات في معناه ، إذ اختلاف الوقت نعلم قطعا أنه لا يؤثّر في جبر النقصان. ولقد زلّ من قال إن إلحاق الأمة بالعبد للقرب ، فإن القرب من الجانبين على وتيرة واحدة. ولو ورد نص في أن الأمة تجبر على النكاح وهو ثابت بالإجماع لكنّا نقول العبد في معناه. ولكن مأخذ هذا العلم ما تكرّر على أفهامنا من أحكام الشرع وعادته في قضية الرق والعتق أنه يسلك بالذكر والأنثى فبه مسلكا واحدا كما يسلك بالأبيض والأسود مسلكا واحدا. ولو لم نعرف هذا من عادته بطول ممارسة أحكام العتق والرق لكان لا يتّضح ذلك البتة ولم يظهر أنه يسلك بالذكر مسلك الأنثى في عقد النكاح ، فلذلك لم يكن العبد في معنى الأمة في الإجبار.
(الرتبة الثانية) أن يكون انحذاف الوصف الفارق مظنونا لا مقطوعا به كما تقول إن سراية العتق إلى نصف معيّن من العبد عند إضافته إلى نصف آخر أو إلى عضو معيّن كسرايته عند الإضافة إلى الجزء الشائع ، فإنه لا يفارقه إلا في كون المضاف معيّنا وشائعا. ويكاد يغلب على الظن أن هذا الوصف وهو كون المضاف إليه شائعا غير مؤثّر في الحكم ، ولكن ليس هذا معلوما كحذف وصف الأنوثة ، إذ فرق الشرع في إضافة التصرفات إلى المحال بين الشائع والمعيّن في البيع والهبة والرهن وغيرها ، وهذا يعارض أن الشائع في العتق والطلاق على الخصوص كالمعيّن في إباء الشرع الاقتصار فيه على البعض واعتبار هذا الوصف في غير العتق والطلاق ، كاعتبارنا الأنوثة في غير الرق والعتق من الشهادات والنكاح والقضاء وغيره ، فيصير الأمر مظنونا