على الشرع للإلحاق لهذا ولتوهمنا أن البول مستقذر وأن الماء معد للتنظيف فلا ينبغي أن يختلط به. فهذه أقسام الطريق الأول وهو أن لا يتعرّض الملحق إلا للحذف. أما الطريق الثاني فأن يتعرض للمعنى المعتبر بعينه وعند ذلك لا نحتاج إلى التعرض للفوارق وهذه ثلاثة أقسام :
الأول أن يكون المعنى مناسبا كوصف الإسكار في التحريم والآخر أن يكون مؤثرا كقول أبي حنيفة رضي اللّه عنه أن بيع المبيع قبل القبض باطل لما فيه من الضرر ، وذلك لا يجري في العقار ، وزعم أن التعليل بالضرر أولى لأن ذلك ظهر أثره في موضع آخر بالنص وهو بيع الطير في الهواء. وهذا قد قدّرنا وجهه في مسألة بيع العقار قبل القبض في كتاب المبادي والغايات.
وأما أقسام المناسب والمؤثر والفرق بينهما فقد ذكرناه في كتاب شفاء الغليل في بيان التشبيه والمخيل. القسم الثالث أن لا يكون الجامع مناسبا ولا ممّا ظهر تأثيره بالنص في موضع آخر ، ولكنه توهم الاشتمال على معنى مناسب لم يطلع على عينه ، كقولنا الوضوء طهارة حكمية فتفتقر إلى النية كالتيمّم.
فإنا لا نحصر الفوارق ولا نتعرض لحذفها بل تعرضنا لمعنى جامع ، والفوارق كثيرة وليس الجامع مناسبا ولا مؤثرا ولا يغرنّك ما توهم من التخيلات في معرض الإخالة من لا يدري ذوق الإخالة ، وقدّر أن تلك التخييلات لم تكن ، فبدونها تحصل غلبة الظن وهذا أخفى أنواع القياس وأدقها ، فربما يخص باسم الشبه ، وإن كان كل قياس لا ينفك عن شبه من الفرع والأصل ووجه جواز الحكم لمثل هذا يطول تحقيقه فاطلبه إن رغبت فيه في مسئلة الربوي من كتاب المبادي والغايات ومن شفاء الغليل. وهذا القدر كاف في الأقيسة الفقهية ففيه على إيجازه من الفوائد ما لا يعرف قدره إلا من طال في المقاييس الفقهية تعبه.