كذلك ، فهو كقول القائل حدّ الموجود الشيء الذي له ثبوت ووجود ، فإن هذا التطويل لا يخرجه عن كونه لفظيا ولست أمنع من أن تسمّى مسمى هذا حدا. فلفظ الحد لفظ في اللغة المنع وهو مباح فيستعيره من يريده لما فيه نوع من المنع. فلو سمّى قلنسوة حدا من حيث أنه يمنع البرد لم يمنع من هذا أن كان الحد عنده عبارة عن لفظ مانع ، فإن كان عنده عبارة عن قول شارح لماهية الشيء مصور كنه حقيقته في ذهن السائل فقد ظلم بإطلاق هذا الاسم على قوله العلم هو المعرفة. وقيل أيضا إنه الذي يعلم به وإنه الذي تكون الذات به عالمة ، وهذا الحد أبعد من الأول فإنه مساو له في الخلو عن الشرح والدلالة على الماهية. ولكن قد يتوهم في الأول شرح اللفظ بأن يكون أحد اللفظين عند السائل أشهر من الآخر ، فشرح الأخفى بالأشهر. أما العالم ويعلم فهو مشتق من نفس العلم ومن أشكل عليه المصدر كيف يتّضح لديه المشتق منه والمشتق أخفى من المشتق منه ، وهو كقول القائل في حد الفضة إنه الذي تصاغ منه الأواني الفضية. وقيل إنه الوصف الذي يتأتّى للمتّصف به إتقان العلم وإحكامه. وهذا ذكر لازم من لوازم العلم فيكون رسميا وهذا أبعدهما قبلة من حيث أنه أخص من العلم ، فإنه يتناول بعض العلوم ولكن أقرب بوجه آخر مما قبله وهو أنه ذكر لازم قريب من الذات بعيد شرحا وبيانا بخلاف قوله ما يعلم به وما تكون الذات به عالمة. فإن قلت فما طريق تحديد العلم عندك فاعلم أن العلم اسم مشترك قد يطلق على الإبصار والإحساس ، وله حد بحسبه ، ويطلق على التخيّل ، وله حد آخر بحسبه ويطلق على الظن ، وله حد آخر بحسبه ويطلق على علم اللّه على وجه آخر أعلى وأشرف. ولست أعني أنه أشرف لمجرد العموم فقط بل بالذات والحقيقة. ويطلق على إدراك العقل وحدّه على الخصوص كما ينقدح في الحال أنه سكون الذهن جزما عن بصيرة إلى الأمر بأنه كذا أو ليس كذا والأمر كذلك. ولا يبعد أن يحتاج هذا الجدال إلى مزيد تحرير وتنقيح ليس يتّسع القلب الآن لتضييع الوقت به فعليك بإتمامه ، وغرضي ذكر الطريق للحد. تقول يعترضون على هذا الحد بأنك استعملت لفظ السكون