ولغويّة ، لكنّ شروط التركيب تنطلق من قاعدة القياس السلجستي. ولم تكن الشروح مغايرة كثيرا عن المنطلقات. إذ استمرت عمليّة عكس إحدى مقدّمات النظم الثاني والثالث ، فاستحال القياس إلى النظم الأوّل. وذكر الغزالي القواعد نفسها الواردة في المعيار ، إلاّ أنّ أمثلته كانت دينية وفقهيّة ، ولا سيّما تعابيره في الحدود والقضايا. ونادى بنافية عامّة ومثبتة خاصة .. ومن أمثلته الفقهيّة أنّ : «الربويّ والمطعوم حكمنا بهما على شيء واحد هو البرّ فيلزم بالضرورة بينهما التقاء ، وأقلّ درجات الالتقاء أن يوجب حكما خاصّا» (١). وهذا يجدّد رأينا بأن بنية الشرح والتحليل والأمثلة متكاملة وذات منحى واحد. إنما حلّ في المحكّ الحكم والمحكوم عليه والخاصّ والعامّ والنافي والمثبت والمبتدأ والخبر والعلّة. وطرحت جزئيا التعابير المنطقيّة المقابلة كالتي وردت في المعيار والمقاصد. فالمنحى المنطقيّ الصوريّ واحد ، أمّا الأبعاد والخلفيّات فلكلّ طابع سماته ورموزه.
وكانت الحال كذلك في الأقيسة الشرطيّة. فالمتصل أصبح في المحكّ بحسب قول الغزالي : «ولنسمّ هذا النمط نمط التلازم (٢). وقد أخذ بالتلازم في المحكّ والقسطاس ومقدّمة المستصفى. وتطلق الملازمة والتلازم على معنى اللزوم. ولازم الشيء ما يتبعه ويردفه (٣). واللّزوم هو عدم المفارقة ، وهناك لزوم شيء عن شيء ، بمعنى كون الأول ناتجا عن الثاني. واللزوم فقهيّا ما حكم فيه بصدق قضيّة على تقدير قضيّة أخرى لعلاقة بينهما. ولم تكن المسألة مجرّد اختلاف بين لفظين وشرحين ـ (الشرطي والتلازم) ـ ، بالرغم من أنّ مضمونهما واحد ، بل يخفي اختلاف التعبير اختلافا في التحليل. فالتلازم يشير إلى الأحكام المهيّأة
__________________
(١) المصدر نفسه ، ص ٣٧.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٣٩.
(٣) الكفوي ، الكليّات ، ص ٣١٨.