المعقول عن المحسوس. إذ من هاهنا يأخذ العقل الإنساني في التصرف وما كان قبله كان يشارك هذا التخيل البهيمي التخيل الإنساني ومن تحيّر في أول منزل من منازل تصرف العقل كيف يرجى فلاحه في تصرفاته الغامضة ، ومن التبس عليه قول القائل إن السواد والبياض يشتركان في أمر معقول هو اللونية والوجود ويختلفان في أمر ذاتي ، وما فيه الاختلاف بالضرورة غير ما فيه الاشتراك. إذ ليس هذا اشتراكا في مجرد الاسم كاشتراك العاقد والكوكب في اسم المشتري ، وإن هذه الغيرية معلومة على القطع إلى أن يبحث عن حقيقتها أنها تباين في الوجود أو تباين في العقل ، وهو من خواص العقل. فمن التبس عليه هذا كيف يتضح له أمر من الغوامض ولنتجاوز هذه المغاصة فإن كشف غطائها يقرع أبوابا مغلقة على أكثر التضاد ولا يمكن التكفّل ببيانه مع ما نحن بصدده من الاختصار.