التفصيل الأول
إن القضية بعد انقسامها إلى النافية مثل قولنا العالم ليس بقديم وإلى المثبتة مثل قولنا العالم حادث تنقسم بالإضافة إلى المحكوم عليه إلى التعيين والخصوص والعموم والإهمال والقضايا بهذا الاعتبار أربعة :
الأولى : قضية في عين كقولنا زيد كاتب وهذا السواد المشار إليه باليد عرض.
الثانية : قضية مطلقة خاصة كقولك بعض الناس كاتب وبعض الأجسام ساكن.
الثالثة : قضية مطلقة عامة كقولك كل جسم متحيّز وكل سواد لون وكل حركة عرض.
الرابعة : قضية مهملة كقولنا الإنسان في خسر ، وعلة هذه القسمة أن المحكوم عليه إما أن يكون عينا مشارا إليه أو لا يكون عينا. فإن لم يكن عينا فإما أن يحصر بسور بين مقداره بكلية فتكون مطلقة عامة أو بجزئية فتكون مطلقة خاصة أو لا يحصر بسور بل بمهمل. والسور هو قولك كل وبعض وما يقوم مقامهما ، فإن سكت عنهما بقيت القضية مهملة ، ومن طرق المغالطين المحتالين في النظر استعمال المهملات بدل القضايا العامة.
فإن المهملات قد يعني بها الخصوص فيصدق طرف النقيض فيها إذ قد يقال ليس الإنسان في خسر ويراد به الأنبياء والذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وقد يقال الإنسان في خسر ويراد به أكثر الخلق. فإيّاك وأن تسامح بهذا في النظريات فتغلط ، ومثاله من الفقه إن طلبت استيضاحا أن يقول الشافعي مثلا معلوم أن المطعوم ربويّ والسفرجل مطعوم فليكن ربويا. فإذا قيل فلم قلت إن المطعوم ربوي فيقول الدليل عليه أن البر (١) والشعير والتمر والرز
__________________
(١) البر : الحبوب بمعنى اليوم وهي بضم الباء.