لأنها لو بقيت أربعة لم تشترك المقدمتان في شيء وبطل الازدواج بينهما ولا تتولد النتيجة ، فإنك إذا قلت النبيذ مسكر ولم تتعرض.
في المقدمة الثانية : لا للنبيذ ولا للمسكر ولكن قلت والقتل حرام أو العالم حادث فلا ترتبط إحداهما بالأخرى. فبالضرورة لا بد من أن يكون أحد الأجزاء الأربعة متكرّرا في المقدمتين فيرجع إلى ثلاثة ، فلنصطلح على تسمية المكرّر في المقدمتين علة وهو الذي يمكن أن يقرن بقولك لأنه في جواب المطالبة. فإنه إذا قيل لك لم قلت إن النبيذ حرام فتقول لأنه مسكر ولا تقول لأنه حرام فما يقترن به لأن هو العلة ، ولنسمّ ما يجري مجرى النبيذ محكوما عليه وما يجري مجرى الحرام حكما ، فإنا في النتيجة نقول فالنبيذ حرام فنحكم على النبيذ بأنه حرام ونشتق للمقدمتين اسمين مختلفين من الأجزاء والمعاني التي تشتمل عليها لتسهل علينا الإشارة إليهما في التفهيم والمخاطبة ، ولا يمكن اشتقاق اسمين مختلفين لهما من العلّة. فإن العلّة داخلة فيهما جميعا فنشتقه من الجزءين الآخرين ، فالمقدمة التي فيها تعرض للمحكوم عليه نسمّيها المقدمة الأولى والتي فيها الحكم نسمّيها الثانية اشتقاقا من ترتيب أجزاء النتيجة. فإنا نقول في النتيجة فالنبيذ حرام فيكون النبيذ أولا والحرام ثانيا. والمقدمة التي فيها المحكوم عليه لا يتصور أن يكون فيها الحكم ، وهي مقدمة ، والتي فيها الحكم لا يتصور أن يكون فيها المحكوم عليه ، وهي مقدمة بل هما خاصتان للمقدمتين. واعلم أن النتيجة إنما تلزم من هذا القياس إذا كانت المقدمتان مسلمتين يقينا إن كان المطلوب عقليا أو ظنا إن كان المطلوب فقهيا. فإن نازعك الخصم في قولك كل مسكر حرام فإثباته بالنقل وهو قوله صلّى اللّه عليه وسلم «كل مسكر حرام» فإن لم تتمكن من تحقيق تلك المقدمة بحس ولا غيره ولا من إثبات الثاني بنقل أو غيره لم ينفعك القياس ، ومهما سلّمنا لم يتصور النزاع في النتيجة البتّة ، بل كل عقل صدق المقدمتين فهو مضطر للتصديق بالنتيجة مهما أحضرهما في الذهن وأحضر مجموعهما بالبال. وحاصل وجه الدلالة في هذا النظم أن الحكم على الصفة حكم على الموصوف ، فإنك إذا قلت النبيذ مسكر فقد