كون المصلي متطهرا لازم لكون الصلاة صحيحة ، فلا يمكن أن يجعل كون المصلي متطهرا لا وصفا للصلاة ولا وصفا للصحة. والفرق من حيث الترتيب والنظم ظاهر. وأما وجه الدلالة فهو أنه مهما جعل شيء لازما لشيء فينبغي أن لا يكون الملزوم أعم من اللازم ، بل إما أخص وإما مساويا. ومهما كان أخص فبثبوت الأخص يلزم بالضرورة ثبوت الأعم. إذ يلزم من ثبوت السواد وجوده ووجود اللون ، وهو الذي عنيناه بتسليم عين المقدّم. وانتفاء الأعم يوجب انتفاء الأخص ، إذ يلزم من انتفاء اللون انتفاء السواد وهو الذي عنيناه بتسليم نقيض اللازم. فأما ثبوت الأعم فلا يوجب ثبوت الأخص ، فإن ثبوت اللون لا يدل على ثبوت السواد ، فلذلك قلنا تسليم عين اللازم لا ينتج لا نفي اللازم ولا ثبوته ، وأما انتفاء الأخص فلا يوجب انتفاء الأعم ، فإن انتفاء السواد لا يوجب انتفاء اللون ولا ثبوته ، وهو الذي عنيناه بقولنا إن تسليم نقيض المقدّم لا ينتج لا عين اللازم ولا نقيضه. وأما جعل الأخص لازما للأعم فهو خطأ ، كمن يقول إن كان هذا لونا فهو سواد وإن كان اللازم مساويا للمتقدم أنتج منه أربع تسليمات : كقولنا إن كان زنا المحصن موجودا فالرجم واجب ومعلوم أنه موجود فإذن الرجم واجب ، أو معلوم أنه غير موجود فإذا الرجم غير واجب ، أو معلوم أن الرجم واجب فإذا زنا المحصن موجود ، أو معلوم أن الرجم غير واجب فإذا الزنا غير موجود. وكذلك كل معلول له علة وهو مساو لعلته ويلزم أحدهما الآخر فينتج فيه التسليمات الأربع ، ومثاله من المحسوس إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود لكنها طالعة فهو موجود لكنها غير طالعة فهو غير موجود ، ولكن النهار موجود فالشمس طالعة ، ولكن النهار غير موجود فالشمس غير طالعة.
النمط الثالث نمط التعاند :
وهو على ضد نمط التلازم والمتكلمون يسمّونه السبر والتقسيم والمنطقيون يسمونه الشرطي المنفصل ، ونحن سميناه التعاند ، ومثاله العالم