مضافاً إلى الأدلّة السالفة القطعيّة يحكم العقل أيضاً في أحكامه اللزوميّة بيوم المعاد وقيامة العباد لوجوه ذكرنا بعضها في مبحث العقائد (١) وهي :
أولاً : أن الكون كما نراه ونجده مبنى على أساس العدل ونظم العدالة ، وبالعدل قامت السماوات والأرض.
ومضافاً إلى كون قيام السماوات والأرض على نظام العدل والحق أمراً وجدانيّاً عقليّاً يستفاد هذا النظام من بعض الأحاديث الشريفة أيضاً.
ففي الحديث النبوي :
«بِالعَدلِ قامَتِ السموات وَالأَرض» (٢).
وفي الحديث العلوي :
«فانّ الحقّ به قامَتِ السموات وَالأرض» (٣).
وما من خلل يخالف العدل إذا وقع في الكون إلاّ وظهرت مساويه ، وبدت مفاسده.
وعلى هذا النظام الأساسي يُلزم العقل باستقرار العدل بمعاقبة المجرم ، وإثابة المحسن.
ومن المعلوم أنّه لا تحصل هذه الحقيقة ، ولم يتحقّق هذا الحق في هذا العالم بالبداهة ...
فلابدّ وأن يتشكّل عالمٌ يُقضى فيه بالعدل ، ويحكم فيه بالانصاف ، فينتصف من الظالم ، ويُنتصر للمظلوم.
ولولاه لذهبت حقوق العباد ، وضاعت الدماء بالفساد وهو ظلمٌ لا يقبله العقل في جزء حقير وزمانٍ يسير في هذا الكون ، فكيف بمرّ الأجيال في الأزمنة الطوال ، على ظهر
__________________
(١) العقائد الحقّة : ص ٤٠٠.
(٢) عوالي اللئالي : ج ٤ ، ص ١٠٣.
(٣) نهج السعادة : ج ٤ ، ص ٢٢١.