الماء مع الخمر ، وانتفعوا انتفاعا بيّنا ، كل ذلك بالتفات الوزير لهم وتبيينهم له وجه المنافع الجارية على غير المعتاد ، بظلمهم على العباد ، إلى أن توغلوا في الأمور ، وتقدموا عنده حتى إنهم أخفوا عليه الحال وأخذوا يأكلون من أموال الميري لتوجهه لهم ، ولم يستيقظ من هذه الغفلة إلا قبل موته بأيام قلائل ، وقد آل أمرهم إلى أن ما كان يزرع في ملحقات بغداد من حنطة وشعير أو رز يشترونه ويحتكرونه حتى تغلو أسعار ذلك ، فيبدأون ببيعه حسب مرامهم. هذا مما ثبت عند الخاص والعام صراحة وإعلانا منهم بينا ، وقد انقطع سبب البائعين والشارين من الأهالي والسكنة ، فصار الطعام محوزا ومدخرا تحت أيديهم ، فأسعار الطعام غالية دائما في بغداد ونواحيها ..
وهؤلاء اليهود هم أساس فساد المملكة يلقون الفتنة بين شيوخ الأعراب والولاة ، فاستقام أمرهم (١٥) سنة بهذه الكيفية إلى مدة انتهاء هذا الوزير .. وهم باقون على هذه الحال ، وقد جمعوا دراهم جمة. ولو أردنا أن نذكر كل ما عملوه لطال التحرير ، وقصر التقرير ، ولكن أوجزنا التسطير في ذكر أصحاب السعير.
وقد وضعوا بدعا في أراضي الهندية لم تكن في الزمن السالف ، ومن ذلك أن موطنا فيه ماء يقال له (أبو بغال) ، جعلوا عليه أعوانا يأخذون من المار إذا كان راكبا أو كان حمل على دابته قوارب (كذا) ثلاثة دراهم ونصف ، فضاعفوه ، وبدأوا يأخذون خمسة عشر قرشا وأحيانا عشرين قرشا ، ومع هذا يضمنونه من الملتزم بثلاثين ألف قران (١)
__________________
(١) القران يطلق على البيشلك. ثم صارت قيمته قرشين صحيحين. وأصله نقد إيراني أوضحت عنه في كتاب النقود العراقية. وذلك أن فتح علي شاه في السنة الثالثة من سلطنته أمر أن يضرب على نقوده الفضية (صاحبقران). وتداول استعماله بتخفيف هذا اللفظ فصار يطلق على النقد المضروب (قرانا) وشاع كذلك.