ولم يبق إلا أشقياء عفك وكانوا قطعوا الأسلاك البرقية ، فنالوا ما يستحقون من عقوبة ، وذاقوا مرارة فعلتهم .. وقد أحيط بالباقين منهم من جميع أطرافهم ، وعزمت الحكومة على تأديبهم بل التنكيل بهم .. والأمل أن تنتهي في مدة قصيرة من هذه الغوائل ..
وفي هذه المرة سيرت الحكومة بكر باشا أمير اللواء من أركان الفيلق ، وساقت معه أربعة سرايا من الفوج الأول ، ومقدارا من الخيالة ، وقطعة من الشيشخان ، ومدافع جبلية صغيرة ، فذهب إلى أنحاء الحلة (١) ..
هذه هي المعلومات الرسمية التي أعلنتها الحكومة ، ومنها يتعين أن الواقعة معتادة ، ولم تكوّن خطرا كبيرا بل لم تقف وقائعهم عند حد ، وإنما تلتها حوادث أخرى.
دامت ذيول وقائع الدغارة والديوانية والحلة فلم تهدأ الحالة ، الأمر الذي دعا الوالي مدحت باشا أن يذهب إلى الحلة بنفسه فسافر يوم الخميس ٨ رجب سنة ١٢٨٦ ه (٢) ، فكان فيها وفي الديوانية بعض الاضطراب ، بل الثورة فاقتضى تأديب أهل الشغب. بقي في الحلة بضعة أيام ، فطلبت بعض العشائر الأمان ، وتوارد آخرون ، وكان غرضه استئصال من اعتاد التمرد.
رأى الوالي أن هذا متأتّ من نهر صدره بقرب الدغارة فاقتضى سد ذلك النهر ليتيسر الوصول إلى هؤلاء بلا مانع ، ومن ثم قام الوالي بالأمر فأرسل إلى الجيش المرابط في الديوانية تحت قيادة الركن أمير اللواء أحمد باشا أن يمضي إلى صدر الدغارة بما لديه من قوة ، فمضى هؤلاء من الديوانية إلى الدغارة رأسا ، وكذا الوالي مدحت باشا ومن معه
__________________
(١) الزوراء عدد ١٧ في ٢٩ جمادى الآخرة سنة ١٢٨٦ ه.
(٢) الزوراء عدد ١٩ في ١٣ رجب ١٢٨٦ ه.