قوله : (وأهلا وسهلا ومرحبا) تقديره أتيت أهلا لا أجانب ووطئت سهلا من البلاد ولا حزنا ولقيت مرحبا ، أي مكانا رحبا ، وقيل : يقدر لها فعل واحد أي صادفت ، وقال المبرد : (١) إنها من المفعول المطلق ، أي أهلت أهلا ، وسهل موضعك سهولة ، وضع سهلا موضع سهولة ، ورحبت بلادك مرحبا (٢) أي رحبا.
وقد يحذف المفعول ، ولم يذكره المصنف ، فخلاف مفعول أفعال القلوب على ما يأتي في بابها ، ومفعول فعل التعجب ، لأنه لا فائدة في التعجب دون المتعجب منه ، إلا أن تقوم قرينة على تعيينه ، جاز حذفه نحو (ما أحسنك وأجمل).
وحذف المفعول على ضربين ، منه ما يراد وينوى كـ (أعطيت وضربت) (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ)(٣) و (ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ)(٤). ومنه ما لا يراد ، وإما لتضمن فعله اللزوم ، نحو (وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي)(٥) وقوله :
[١٤١] ... |
|
إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلي (٦) |
__________________
(١) ينظر المقتضب ٣ / ٢٨٣ ، وشرح الرضي ١ / ١٣٠.
(٢) ينظر الكتاب ١ / ٢٩٥ وعنده : (رحبت بلادك وأهلت).
(٣) يس ٣٦ / ٣٥ وتمامها : (لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ.)
(٤) الزخرف ٤٣ / ٧١ ، وتمامها : (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ.)
(٥) الأحقاف ٤٦ / ١٥ (قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ.)
(٦) عجز بيت من الطويل وهو لذي الرمة في ديوانه ١٥٦ ، وصدره :
وإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها
وينظر أساس البلاغة مادة (عذر) ٢٩٦ ن وشرح المفصل لابن يعيش ٢ / ٣٩ ، وأمالي ابن الحاجب ١ / ٢٥١ ، وشرح الرضي ١ / ١٣١ ، ومغني اللبيب ٦٧٦ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٢٨.
والشاهد فيه قوله : (يجرح) وفيه حذف المفعول به ليجرح لتضمنه معنى يؤثر في الجرح أو ينزل كما ذكره الشارح.