قوله : (في مثل زيد قام ، وعمرو أكرمته) يعني إن من شرط الجملة المعطوف عليها أن تكون اسمية الصدر فعلية العجر ، فهذه جائز في المعطوف عليها الوجهان ، الرفع بالنظر إلى العطف على الجملة الكبرى ، وهي المبتدأ ، والنصب بالنظر إلى العطف على الجملة الصغرى ، وهي الفعل ، والفاعل مستتر فيه فإن رجحت الرفع على الجملة الكبرى لعدم التقدير عارضه الصغرى بالقرب ، وإن رجحت النصب على الضغرى للقرب عارضه الكبرى لعدم التقدير فتساويا ، وهذا المثال الذي مثل به المصنف ، مثال سيبويه (١) ، وقد اعترض عليه بأنه لا يجوز فيه العطف [إلا](٢) أن يكون فيه عائدا إلى المبتدأ وليس في عمرا أكرمته) عائدا إلى زيد ، فلا بد أن يقال : (زيد قام وعمرا أكرمته في داره) واعتذر لسيبويه باعتذارين ؛ أحدهما : للسيرافي (٣) أن غرض سيبويه بالمثال تبيين جملة اسمية الصدر فعلية العجز ، معطوف عليها أو على الجزء منها ، لا تصحيح المثال ، فإنه لا بد فيه من زيادة ضمير ، الثاني : ليفهم أنا لا نسلم أن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه فيما يجب ويمتنع ، ألا ترى إلى قولهم : (رب شاة وسخلتها بدرهم) (٤) فإنه عطف المعرفة على النكرة ، ورب لا تدخل على سخلتها ، لأنها لا تدخل إلا على النكرات.
قوله : (ويجب النصب) هذا القسم الرابع وذلك في موضعين :
__________________
(١) ينظر الكتاب ١ / ٩١ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ١٧٥.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة يقتضيها السياق.
(٣) ينظر رأي السيرافي في اعتذاره لسيبويه في شرح الرضي ١ / ١٧٦ وهذان الاعتذاران مثبتان في الرضي وقد نقلهما الشارح دون أن يسندهما إلى الرضي ١ / ١٧٦ ، والكتاب ١ / ٩١ وما بعدها.
(٤) هذا المثل يتكرر كثيرا في كتب النحو وهو كما قال الشارح من باب عطف المعرفة وهو (سخلتها) على (شاة) النكرة التي سبقتها رب. ينظر شرح الرضي ١ / ١٧٦.