وعبد الله بن الحسن والشافعى لا يحل اللبن في ضروع الميتة وقال الليث بن سعد لا تؤكل البيضة التي تخرج من دجاجة ميتة وقال عبد الله بن الحسن أكره أن أرخص فيها قال أبو بكر اللبن لا يجوز أن يلحقه حكم الموت لأنه لا حياة فيه ويدل عليه أنه يؤخذ منها وهي حية فيؤكل فلو كان مما يلحقه حكم الموت لم يحل إلا بذكاة الأصل كسائر أعضاء الشاة وأيضا فإن قوله (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) عام في سائر الألبان فاقتضى ذلك شيئين أحدهما أن اللبن لا يموت ولا يحرمه موت الشاة والثاني أنه لا ينجس بموت الشاة ولا يكون بمنزلة لبن جعل في وعاء ميت فإن قيل ما الفرق بينه وبين ما لو حلب من شاة حية ثم جعل في وعاء نجس وبين ما إذا كان في ضرع الميتة* قيل الفرق بينهما أن موضع الخلقة لا ينجس ما جاوره بما حدث فيه خلقة والدليل على ذلك اتفاق المسلمين على جواز أكل اللحم بما فيه من العروق مع مجاورة الدم لدواخلها من غير تطهير ولا غسل لذلك فدل ذلك على أن موضع الخلقة لا ينجس بالمجاورة لما خلق فيه ودليل آخر وهو قوله (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) وهذا يدل من وجهين على ما ذكرنا أحدهما ما قدمناه آنفا في صدر المسألة في اقتضائه لبن الحية ولبن الميتة والثاني أخباره بخروجه من بين فرث ودم هما بحسان مع الحكم بطهارته ولم تكن مجاورته لهما موجبة لتنجيسه لأنه موضع الخلقة كذلك كونه في ضرع ميتة لا يوجب تنجيسه ويدل على ذلك أيضا ما رواه شريك عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس قال أتى النبي صلىاللهعليهوسلم في غزوة الطائف بجبنة فجعلوا يقرعونها بالعصا فقال أين يصنع هذا فقالوا بأرض فارس فقال اذكروا اسم الله عليه وكلوا ومعلوم أن ذبائح المجوس ميتة وقد أباح صلىاللهعليهوسلم أكلها مع العلم بأنها من صنعة أهل فارس وأنهم كانوا إذ ذاك مجوسا ولا ينعقد الجبن إلا بأنفحة فثبت بذلك أن أنفحة الميتة طاهرة وقد روى القاسم بن الحكم عن غالب بن عبد الله عن عطاء بن أبى رباح عن ميمونة زوج النبي صلىاللهعليهوسلم قالت سألت النبي صلىاللهعليهوسلم عن الجبن فقال ضعى السكين واذكري اسم الله تعالى وكلى فأباح النبي صلىاللهعليهوسلم في هذا الحديث أكل الجميع منه ولم يفصل بين ما صنع منه بأنفحة ميتة أو غيرها وقد روى عن على وعمرو سلمان وعائشة وابن عمر وطلحة بن عبيد الله وأم سلمة والحسن بن على إباحة أكل الجبن الذي فيه أنفحة الميتةفدل ذلك على أن الإنفحة طاهرة وإن كانت