وصوفها وذلك يقتضى إباحة الجميع من الميتة والحي وقال تعالى (وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) فعم الجميع بالإباحة من غير فصل بين المذكى منه وبين الميتة ومن حظر هذه الأشياء من الميتة احتج فيه بقوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) وذلك يتناولها بجميع أجزائها فإذا كان الصوف والشعر والعظام ونحوها من أجزائها اقتضت الآية تحريم جميعها* فيقال له إنما المراد بالآية ما يتأتى فيه الأكل والدليل عليه قوله تعالى في الآية الأخرى (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) فأخبر أن التحريم مقصور على ما يتأتى فيه الأكل وقال النبي صلىاللهعليهوسلم (إنما حرم من الميتة لحمها) وفي خبر آخر (إنما حرم أكلها) فأبان النبي صلىاللهعليهوسلم عن مراد الله تعالى بتحريم الميتة فلما لم يكن الشعر والصوف والعظم ونحوها مما ذكرنا من المأكول لم يتناولها التحريم ومن حيث خصصنا جلد الميتة والمدبوغ بالإباحة للآثار الواردة فيه وجب تخصيص الشعر والصوف وما لا يتأتى فيه الأكل من جملة المحرم بالآثار المروية فيها مما قدمنا ذكره ويدل عليه أيضا من جهة أخرى وهي أن جلد الميتة لما كان خروجه عن حد الأكل بالدباغ مبيحا له وجب أن يكون ذلك حكم سائر ما لا يتأتى فيه الأكل منها من الشعر والصوف ونحوهما ويدل عليه أيضا أن الأخبار الواردة في إباحة الانتفاع بجلود الميتة لم يذكر فيها حلق الشعر والصوف عنها بل فيها الإباحة على الإطلاق فاقتضى ذلك إباحة الانتفاع بها بما عليها من الشعر والصوف ولو كان التحريم ثابتا في الصوف والشعر لبينه النبي صلىاللهعليهوسلم لعلمه أن الجلود لا تخلوا من أجزاء الحيوان مما ليس فيه حياة وما لا حياة فيه لا يلحقه حكم الموت* والدليل على أن الشعر ونحوه لا حياة فيه أن الحيوان لا يتألم بقطعها ولو كانت فيه حياة لتألم بقطعها كما يألمه قطع سائر أعضائه فدل ذلك على أن الشعر والصوف والعظم والقرن والظلف والريش لا حياة فيها فلا يلحقها حكم الموت ووجود النماء فيها لا يوجب لها حياة لأن الشجر والنبات ينميان ولا حياة فيهما ولا يلحقهما حكم الموت فكذلك الشعر والصوف ويدل عليه أيضا قول النبي صلىاللهعليهوسلم (ما بان من البهيمة وهي حية فهو ميت) ويبين منها الشعر والصوف ولا يلحقهما حكم الموت فلو كان مما يلحقهما حكم الموت لوجب أن لا يحل إلا بذكاة الأصل كسائر أعضاء الحيوان فدل ذلك على أنه لا يلحقه حكم الموت ولا يحتاج إلى ذكاة* وقد روى عن الحسن ومحمد بن سيرين وسعيد بن المسيب