الله تعالى كقوله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي) وجائز أن يكون مراده جميع هذه الوجوه وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك ما يدل على أنه أراد حب المال وهو ما رواه جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال يا رسول الله أى الصدقة أفضل فقال (أن تصدق وأنت صحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان) وحدثنا أبو القاسم عبد الله بن إسحاق المروزى قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع الجرجانى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن زبيد عن مرة عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) قال أن تؤتيه وأنت صحيح تأمل العيش وتخشى الفقر* وقوله تعالى (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى) يحتمل به أن يريد به الصدقة الواجبة وأن يريد به التطوع وليس في الآية دلالة على أنها الواجبة وإنما فيها حث على الصدقة ووعد بالثواب عليها وذلك لأن أكثر ما فيها أنها من البر وهذا لفظ ينطوى على الفرض والنفل إلا أن في سياق الآية ونسق التلاوة ما يدل على أنه لم يرد به الزكاة لقوله تعالى (وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ) فلما عطف الزكاة عليها دل على أنه لم يرد الزكاة بالصدقة المذكورة قبلها* ومن الناس من يقول أراد به حقوقا واجبة في المال سوى الزكاة نحو وجوب صلة الرحم إذا وجده ذا ضر شديد ويجوز أن يريد من قد أجهده الجوع حتى يخاف عليه التلف فيلزمه أن يعطيه ما يسد جوعته* وقد روى شريك عن أبى حمزة عن عامر عن فاطمة بنت قيس عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال (في المال حق سوى الزكاة) وتلا قوله تعالى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية وروى سفيان عن أبى الزبير عن جابر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه ذكر الإبل فقال إن فيها حقا فسئل عن ذلك فقال إطراق فحلها وإعارة ذلولها ومنحة سمينها فذكر في هذين الحديثين أن في المال حقا سوى الزكاة وبين في الحديث الأول أنه تأويل قوله تعالى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ) الآية وجائز أن يريد بقوله في المال حق سوى الزكاة ما يلزم من صلة الرحم بالإنفاق على ذوى المحارم الفقراء ويحكم به الحاكم عليه لوالديه وذوى محارمه إذا كانوا فقراء عاجز بن عن الكسب وجائز أن يريد به ما يلزمه من طعام الجائع المضطر وجائز أن يريد به حقا مندوبا إليه لا واجبا إذ ليس قوله في المال حق يقتضى