فيها جورا فيردها إلى العدل وإنما قال تعالى (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ولم يقل فعليه ردها إلى العدل والصلاح ولا ذكر له فيه استحقاق الثواب لأن أكثر أحوال الداخلين بين الخصوم على وجه الإصلاح أن يسألوا كل واحد منهما ترك بعض حقه فيسبق مع هذه الحال إلى ظن المصلح أن ذلك غير سائغ له ولأنه إنما يعمل في كثير منه على غالب ظنه دون الحقيقة فرخص الله تعالى في الإصلاح بينهم وأزال ظن الظان لامتناع جواز ذلك فلذلك قال (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) في هذا الموضع وقد وعد بالثواب على مثله في غيره فقال تعالى (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) وروى في تغليظ الجنف في الوصية ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا أحمد بن الحسن قال حدثنا عبد الصمد بن حسان قال حدثنا سفيان الثوري عن عكرمة عن ابن عباس قال الإضرار في الوصية من الكبائر ثم قرأ (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلا تَعْتَدُوها) وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا القاسم بن زكريا ومحمد بن الليث قالا حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا عمر بن المغيرة عن داود بن أبى هند عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (الإضرار في الوصية من الكبائر) وحدثنا عبد الباقي قال حدثنا طاهر بن عبد الرحمن بن إسحاق القاضي حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أشعث عن شهر بن حوشب عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة) وحدثنا محمد ابن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا عبدة بن عبد الله قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا نصر بن على الحدانى قال حدثني الأشعث بن جابر قال حدثني شهر ابن حوشب أن أبا هريرة حدثه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال (إن الرجل والمرأة ليعملان بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار) ثم قرأ على أبو هريرة من هاهنا (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ) ـ حتى بلغ ـ ذلك الفوز العظيم] فهذه الأخبار مع ما قدمنا توجب على من علم جنفا في الوصية من موص أن يرده إلى العدل إذا أمكنه ذلك فإن قيل على ماذا يعود الضمير الذي في قوله (بَيْنَهُمْ) قيل