أزداد مرض المريض شدة زيادة بينة أفطر وإن كانت زيادة محتملة لم يفطر فثبت باتفاق الفقهاء أن الرخصة في الإفطار للمريض موقوفة على زيادة المرض بالصوم وأنه ما لم يخش الضرر فعليه أن يصوم* ويدل على أن الرخصة في الإفطار للمريض متعلقة بخوف الضرر ما روى أنس بن مالك القشيري عن النبي صلىاللهعليهوسلم (أن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة والصوم وعن الحامل والمرضع) ومعلوم أن رخصتهما موقوفة على خوف الضرر على أنفسهما أو على ولديهما فدل ذلك على أن جواز الإفطار في مثله متعلق بخوف الضرر إذ الحامل والمرضع صحيحتان لا مرض بهما وأبيح لهما الإفطار لأجل الضرر* وأباح الله تعالى للمسافر الإفطار وليس للسفر حد معلوم في اللغة يفصل به بين أقله وبين ما هو دونه فإذا كان ذلك كذلك وقد اتفقوا على أن للسفر المبيح للإفطار مقدارا معلوما في الشرع واختلفوا فيه فقال أصحابنا مسيرة ثلاثة أيام ولياليها وقال آخرون مسيرة يومين وقال آخرون مسيرة يوم ولم يكن للغة في ذلك حظ إذ ليس فيها حصر أقله بوقت لا يجوز النقصان منه لأنه اسم مأخوذ من العادة وكل ما كان حكمه مأخوذا من العادة فغير ممكن تحديده بأقل القليل وقد قيل إن السفر مشتق من السفر الذي هو الكشف من قولهم سفرت المرأة عن وجهها وأسفر الصبح إذا أضاء وسفرت الريح السحاب إذا قشعته والمسفرة المكنسة لأنها تسفر عن الأرض بكنس التراب وأسفر وجهه إذا أضاء وأشرق ومنه قوله تعالى (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ) يعنى مشرقة مضيئة فسمى الخروج إلى الموضع البعيد سفرا لأنه يكشف عن أخلاق المسافر وأحواله ومعلوم أنه إذا كان معنى السفر ما وصفنا أن ذلك لا يتبين في الوقت اليسير واليوم واليومين لأنه قد يتصنع في الأغلب لمثل هذه المسافة فلا يظهر فيه ما يكشفه البعيد من أخلاقه فإن اعتبر بالعادة علمنا أن المسافة القريبة لا تسمى سفرا والبعيدة تسمى إلا أنهم اتفقوا على أن الثلاثة سفر صحيح فيما يتعلق به من أحكام الشرع فثبت أن الثلاث سفر وما دونها لم يثبت لعدم معنى الاسم فيه وفقد التوقيف والاتفاق بتحديده وأيضا قد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أخبار تقتضي اعتبار الثلاث في كونها سفرا في أحكام الشرع فمنها حديث ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه نهى أن تسافر امرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم واختلف الرواة عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوسلم فقال بعضهم ثلاثة أيام وقال بعضهم يومين فهذه الألفاظ