فمكث سنين ثم أفاق فإنه يقضى صيام تلك السنين ولا يقضى الصلاة وقال عبيد الله بن الحسن في المعتوه يفيق وقد ترك الصلاة والصوم فليس عليه قضاء ذلك وقال في المجنون الذي يجن ثم يفيق أو الذي يصيبه المرة ثم يفيق أرى على هذا أن يقضى وقال الشافعى في البويطى ومن جن في رمضان فلا قضاء عليه وإن صح في يوم من رمضان قبل أن تغيب الشمس كذلك لا قضاء عليه* قال أبو بكر قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) يمنع وجوب القضاء على المجنون الذي لم يفق في شيء من الشهر إذ لم يكن شاهد الشهر وشهوده الشهر كونه مكلفا فيه وليس المجنون من أهل التكليف لقوله صلىاللهعليهوسلم (رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق) فإن قيل إذا أحتمل قوله (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) شهوده بالإقامة وترك السفر دون ما ذكرته من شهوده بالتكليف فما الذي أوجب حمله على ما ادعيت دون ما ذكرنا من حال الإقامة قيل له لما كان اللفظ محتملا للمعنيين وهما غير متنافيين بل جائز إرادتهما معا وكونهما شرطا في لزوم الصوم وجب حمله عليهما وهو كذلك عندنا لأنه لا يكون مكلفا للصوم غير مرخص له في تركه إلا أن يكون مقيما من أهل التكليف ولا خلاف أن كونه من أهل التكليف شرط في صحة الخطاب به وإذا ثبت ذلك ولم يكن المجنون من أهل التكليف في الشهر لم يتوجه إليه الخطاب بالصوم ولم يلزمه القضاء ويدل عليه ظاهر قول النبي صلىاللهعليهوسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق وعن الصبى حتى يحتلم) ورفع القلم هو إسقاط التكليف عنه ويدل عليه أيضا أن الجنون معنى يستحق به الولاية عليه إذا دام به فكان بمنزلة الصغير إذا دام به الشهر كله في سقوط فرض الصوم ويفارق الإغماء هذا المعنى بعينه لأنه لا يستحق عليه الولاية بالإغماء وإن طال وفارق المغمى عليه المجنون والصغير وأشبه الإغماء النوم في باب نفى ولاية غيره عليه من أجله* فإن قيل لا يصح خطاب المغمى عليه كما لا يصح خطاب المجنون والتكليف زائل عنهما جميعا* فوجب أن لا يلزمه القضاء بالإغماء* قيل له الإغماء وإن منع الخطاب بالصوم في حال وجوده فإن له أصلا آخر في إيجاب القضاء وهو قوله (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) وإطلاق اسم المريض على المغمى عليه جائز سائغ فوجب اعتبار عمومه في إيجاب القضاء عليه وإن لم يكن مخاطبا به حال الإغماء وأما المجنون فلا يتناوله اسم المريض