وحده أنه لا يصوم إلا مع الإمام وروى ابن المبارك عن ابن جريج عن عطاء بن أبى رباح في رجل رأى هلال شهر رمضان قبل الناس بليلة لا يصوم قبل الناس ولا يفطر قبلهم أخشى أن يكون شبه له فأما الحسن فإنه أطلق الجواب في أنه لا يصوم وهذا يدل على أنه وإن تيقن الرؤية من غير شك ولا شبهة أنه لا يصوم وأما عطاء فإنه يشبه أن يكون أباح له الإفطار إذا جوز على نفسه الشبهة في الرؤية وأنه لم يكن رأى حقيقة وإنما تخيل له ما ظنه هلالا وظاهر الآية يوجب الصوم على من رآه إذ لم يفرق بين من رآه وحده ومن رآه مع الناس وفيها حكم آخر ومن الناس من يقول أنه إذا لم يكن عالما بدخول الشهر لم يجزه صومه ويحتج بقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) قال فإنما ألزم الفرض على من علم به لأن قوله (فَمَنْ شَهِدَ) بمعنى شاهد وعلم فمن لم يعلم فهو غير مؤد لفرضه وذلك كنحو من يصوم رمضان على شك ثم يصير إلى اليقين ولا اشتباه كالأسير في دار الحرب إذا صام شهرا فإذا هو شهر رمضان فقالوا لا يجزى من كان هذا وصفه ويحكى هذا القول عن جماعة من السلف وعن مالك والشافعى فيه قولان أحدهما أنه يجزى والآخر أنه لا يجزى وقال الأوزاعى في الأسير إذا أصاب عين رمضان اجزأه وكذلك إذا أصاب شهرا بعده وأصحابنا يجيزون صومه بعد أن يصادف عين الشهر أو بعده ولا نعلم خلافا بين الفقهاء أنه إذا تحرى شهر أو غلب على ظنه أنه رمضان ثم صار إلى اليقين ولا اشتباه أنه رمضان أنه يجزيه وكذلك إذا تحرى وقت صلاة في يوم غيم وصلّى على غالب الظن ثم تيقن أنه الوقت يجزيه وقوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) إن احتمل العلم به فغير مانع من جوازه وإن لم يعلم به من قبل أن ذلك إنما هو شرط في لزومه ومنع تأخيره وأما نفى الجواز فلا دلالة فيه عليه ولو كان الأمر على ما قال من منع جوازه لوجب أن لا يجب على من اشتبهت عليه الشهور وهو في دار الحرب ولم يعلم برمضان القضاء لأنه لم يشاهد الشهر ولم يعلم به فلما اتفق المسلمون على لزوم القضاء على من لم يعلم بشهر رمضان دل ذلك على أنه ليس شرط جواز صومه العلم به كما لم يكن شرط وجوب قضائه العلم به ولما كان من وصفنا حاله من فقد علمه بالشهر شاهدا له في باب لزومه قضاءه إذا لم يصم وجب أن يكون شاهدا له في باب جواز صومه متى صادف عينه وأيضا إذا احتمل قوله تعالى (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ) أن يعنى به كونه من أهل التكليف في الشهر على ما تقدم