محمد بن بكر قال أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا حصين بن نمير قال وحدثنا أبو داود قال حدثنا عثمان بن أبى شيبة قال حدثنا ابن إدريس المعنى عن حصين عن الشعبي عن عدى بن حاتم قال لما نزلت هذه الآية (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) قال أخذت عقالا أبيض وعقالا أسود فوضعتهما تحت وسادتي فنظرت فلم أتبين فذكرت ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فضحك فقال (إن وسادك إذا لعريض طويل إنما هو الليل والنهار) قال عثمان إنما هو سواد الليل وبياض النهار قال وحدثنا أبو محمد جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد اليماني قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا ابن أبى مريم عن أبى غسان محمد بن مطرف قال أخبرنا أبو حازم عن سهل بن سعد قال لما نزل قوله (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) ولم ينزل (مِنَ الْفَجْرِ) قال فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبينا له فأنزل الله بعد ذلك (مِنَ الْفَجْرِ) فعلموا أنه إنما يعنى بذلك الليل والنهار قال أبو بكر إذا كان قوله (مِنَ الْفَجْرِ) مبينا فيه فلا إلباس على أحد في أنه لم يرد به حقيقة الخيط لقوله (مِنَ الْفَجْرِ) ويشبه أن يكون إنما اشتبه على عدى وغيره ممن حمل اللفظ على حقيقته قبل نزول قوله (مِنَ الْفَجْرِ) وذلك لأن الخيط اسم للخيط المعروف حقيقة وهو مجاز واستعارة في سواد الليل وبياض النهار وجائز أن يكون ذلك قد كان شائعا في لغة قريش ومن خوطبوا به ممن كان بحضرة النبي صلىاللهعليهوسلم عند نزول الآية وإن عدى بن حاتم ومن أشكل عليه ذلك لم يكونوا عرفوا هذه اللغة لأنه ليس كل العرب تعرف سائر لغاتها وجائز مع ذلك أن يكونوا عرفوا ذلك اسما للخيط حقيقة ولبياض النهار وسواد الليل مجازا ولكنهم حملوا اللفظ على الحقيقة فلما سألوا النبي صلىاللهعليهوسلم أخبرهم بمراد الله تعالى منه وأنزل الله تعالى بعد ذلك (مِنَ الْفَجْرِ) فزال الاحتمال وصار المفهوم من اللفظ سواد الليل وبياض النهار وقد كان ذلك اسما لسواد الليل وبياض النهار في الجاهلية قبل الإسلام مشهورا ذلك عندهم قال أبو داود الأيادى :
ولما أضاءت لنا ظلمة |
|
ولاح من الصبح خيط أنارا |
وقال آخر في الخيط الأسود :
قد كاد يبدو أو بدت تباشره |
|
وسدف الخيط البهيم ساتره |