ويدل عليه من جهة النظر اتفاق الجميع على أن المتصدق بصدقة تطوعا إذا قبضها من تصدق بها عليه لا يرجع فيها لما فيه من إبطال القربة التي حصلت له بها فكذلك الداخل في صلاة أو صوم تطوعا غير جائز له الخروج منها قبل إتمامها لما فيه من إبطال ما تقدم منه فهو بمنزلة الصدقة المقبوضة فإن قيل هو بمنزلة الصدقة التي لم تقبض لأنه إنما امتنع من فعل باقى أجزاء الصلاة والصوم بمنزلة الممتنع من تسليم الصدقة* قيل له لو لم يكن إلا كذلك لكان كما ذكرت لكنه لما كان في الخروج منه قبل إتمامه إبطال ما تقدم لم يكن له سبيل إلى ذلك ومتى فعله لزمه القضاء ألا ترى أنه لا يصح صوم بعض النهار دون بعض وأن من أكل في أول النهار لا يصح له صوم بقيته وكذلك من صام أوله ثم أفطر في باقيه فقد أخرج نفسه من حكم صوم ذلك اليوم رأسا وأبطل به حكم ما فعله كالراجع في الصدقة المقبوضة فصار كما إذا رجع في صدقة مقبوضة لزمه ردها إلى المتصدق بها عليه ويدل عليه أيضا اتفاق الجميع على أن المحرم بحج أو عمرة تطوعا متى أفسده لزمه القضاء وكان الدخول فيه بمنزلة الإيجاب بالقول* فإن قيل إنما لزمه القضاء لأن فساده لا يخرجه* منه وليس ذلك كسائر القرب من الصلاة والصوم إذ هو يخرج منهما بالإفساد* قيل له هذا الفرق لا يمنع تساويهما في جهة الإيجاب بالدخول ولا يخلو هذا المحرم من أن يكون قد لزمه الإحرام بالدخول ووجب عليه إتمامه أو لم يلزمه فإن كان قد لزمه إتمامه فالواجب عليه القضاء سواء أحصر أو أفسده بفعله لأن ما قد وجب لا يختلف حكمه في وقوع الفساد فيه بفعله أو غير فعله مثل النذر وحجة الإسلام فمتى اتفقنا على أنه متى أفسده لزمه قضاؤه وجب أن يكون ذلك حكمه إذا أحصر وتعذر فعله من غير جهته كسائر الواجبات وعلى أن السنة قد قضت ببطلان قول الخصم وهو قول النبي صلىاللهعليهوسلم من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل فأوجب عليه القضاء مع وقوع المنع من قبل غيره وإذا ثبت ذلك في الحج والعمرة وجب مثله في سائر القرب التي شرط صحتها إتمامها وكان بعضها منوطا ببعض وذلك مثل الصلاة والصيام ويجب أن لا يختلف في وجوب قضائه حكم خروجه منها بفعله أو غير فعله كما في سائر الواجبات* واحتج من خالف في ذلك بحديث أم هانئ حين ناولها النبي صلىاللهعليهوسلم سؤره فشربته ثم قالت إنى كنت صائمة وكرهت أن أرد سؤرك فقال النبي صلىاللهعليهوسلم (إن كان من قضاء رمضان فأقضي يوما مكانه وإن كان تطوعا فإن شئت