الحبس حبس العدو فإن حبس وليس معه هدى حل مكانه وإن كان معه هدى حل به ولم يحل حتى ينحر الهدى وليس عليه حجة ولا عمرة وقد روى عن عطاء إنكار ذلك على رواية رواها محمد بن بكر قال أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن دينار قال قال ابن عباس ليس على من حصره العدو هدى حسب أنه قال ولا حج ولا عمرة قال ابن جريج فذكرت ذلك لعطاء قلت هل سمعت ابن عباس يقول ليس على المحصر هدى ولا قضاء إحصاره قال لا وأنكره وهذه رواية لعمري منكرة خلاف نص التنزيل وما ورد بالنقل المتواتر عن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال الله تعالى (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) وقوله (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) على أحد وجهين أحدهما فعليه ما استيسر من الهدى والآخر فليهد ما استيسر من الهدى فاقتضى ذلك إيجاب الهدى على المحصر متى أراد الإحلال ثم عقبه بقوله (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) فكيف يسوغ لقائل أن يقول جائز له الإحلال بغير هدى مع ورود النص بإيجابه ومع نقل إحصار النبي صلىاللهعليهوسلم بالحديبية وأمره إياهم بالذبح والإحلال* واختلف الفقهاء في المحصر إذا لم يحل حتى فاته الحج ووصل إلى البيت فقال أصحابنا والشافعى عليه أن يتحلل بالعمرة ولا يصح له فعل الحج بالإحرام الأول وقال مالك يجوز له أن يبقى حراما حتى يحج في السنة الثانية وإن شاء تحلل بعمل عمرة* والدليل على أنه غير جائز له أن يفعل بذلك الإحرام الأول حجا بعد الفوات اتفاق الجميع على أن له أن يتحلل بعمل عمرة فلو لا أن إحرامه قد صار بحيث لا يفعل به حجا لما جاز له التحلل منه ألا ترى أنه غير جائز له أن يتحلل منه في السنة الأولى حين أمكنه فعل الحج به وفي ذلك دليل على أن إحرامه قد صار بحيث لا يفعل به حجا* وأيضا فإن فسخ الحج منسوخ بقوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) فعلمنا حين جاز له الإحلال أن موجبه في هذه الحال هو عمل العمرة لا عمل الحج لأنه لو أمكنه عمل الحج فجعله عمرة بالإحلال لكان فاسخا لحجه مع إمكان فعله وهذا لم يكن قط إلا في السنة التي حج فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم نسخ وهو معنى قول عمر متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنا أنهى عنهما وأضرب عليهما متعة النساء ومتعة الحج فأراد بمتعة الحج فسخه على نحو ما أمر النبي صلىاللهعليهوسلم به أصحابه في حجة الوداع واختلفوا أيضا فيمن أحصر وهو محرم بحج تطوع أو بعمرة تطوع فقال أصحابنا عليه القضاء سواء كان