ثم اعتمرت ثم اعتمرت ثم حججت لتمتعت ففي هذا الخبر اختياره للمتعة* فثبت بذلك أنه لم يكن ما كان منه في أمر المتعة على وجه اختيار المصلحة لأهل البلد تارة ولعمارة البيت أخرى* وبين الفقهاء خلاف في الأفضل من إفراد كل واحد منهما أو القران أو التمتع فقال أصحابنا القران أفضل ثم التمتع ثم الإفراد وقال الشافعى الإفراد أفضل والقران والتمتع حسنان وقد روى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر لأن اعتمر في شوال أو في ذي القعدة أو في ذي الحجة في شهر يجب على فيه الهدى أحب إلى من أن أعتمر في شهر لا يجب على فيه الهدى وقد روى قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال سألت ابن مسعود عن امرأة أرادت أن تجمع مع حجها عمرة فقال أسمع الله يقول (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ما أراها إلا أشهر الحج ولا دلالة في هذا الخبر على أنه كان يرى الإفراد أفضل من التمتع والقران وجائز أن يكون مراده البيان عن الأشهر التي يصح فيها التمتع بالجمع بين الحج والعمرة وقال على كرم الله وجهه تمام العمرة أن تحرم من حيث ابتدأت من دويرة أهلك فهذا يدل على أنه أراد التمتع والقران بأن يبدأ بالعمرة من دويرة أهله إلى الحج لا يلم بأهله* وتأوله أبو عبيد القاسم بن سلام على أنه يخرج من منزله ناويا العمرة خالصة لا يخلطها بالحج قال لأنه إذا أحرم بها من دويرة أهله كان خلاف السنة لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قد وقت المواقيت وهذا تأويل ساقط لأنه قد روى عن على تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك فنص الإحرام بهما من دويرة أهله والذي ذكره من السنة على خلاف ما ظن لأن السنة إنما قضت بحظر مجاورتها إلا محرما لمن أراد دخول مكة فأما الإحرام بها قبل الميقات فلا خلاف بين الفقهاء فيه* وروى عن الأسود بن يزيد قال خرجنا عمارا فلما انصرفنا مررنا بأبى ذر فقال أحلقتم الشعث وقضيتم التفث أما إن العمرة من مدركم وتأوله أبو عبيد على ما تأول عليه حديث على وإنما أراد أبو ذر أن الأفضل إنشاء العمرة من أهلك كما روى عن على تمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك وقد روى عن النبي صلىاللهعليهوسلم أخبار متواترة أنه قرن بين الحج والعمرة * حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى وائل عن صبي بن معبد أنه كان نصرانيا فأسلم فأراد الجهاد فقيل له ابدأ بالحج فأتى أبا موسى الأشعرى فأمره أن يهل بالحج والعمرة جميعا ففعل