الفجر من يوم النحر قيل له قول من قال عشرا إن كان مراده عشر ليال فإن ذكر الليالى يقتضى دخول ما بإزائها من الأيام كقوله في موضع (ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) وقد أراد الأيام ألا ترى إلى قوله في موضع آخر عند ذكر هذه القصة بعينها (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً) وقال تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) وهي أربعة أشهر وعشرة أيام وقد روى عن على بن أبى طالب وعبد الله بن شداد وعبد الله بن أبى أوفى في آخرين أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر ويستحيل أن يكون يوم النحر يوم الحج الأكبر ولا يكون من أشهر الحج ومع ذلك فإن قوله (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) يقتضى ظاهره استيعاب الشهور الثلاثة ولا ينقص شيء منه إلا بدلالة فثبت بذلك أن يوم النحر من أشهر الحج وقد أباح الله الإحرام فيه بقوله (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) فوجب أن يصح ابتداء الإحرام فيه وإذا صح فيه صح في سائر أيام السنة بالاتفاق وفي هذه الآية دلالة من وجه آخر على جواز الإحرام قبل دخول أشهر الحج وهو قوله في سياق الخطاب (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) معنى فرض الحج فيهن إيجابه فيها لأن سائر الأفعال موجبة به ولم يوقت للفرض وقتا وإنما وقته للفعل لأن الفرض المذكور في هذا الموضع هو لا محالة غير الحج الذي علقه به وإذا كان كذلك كان الوقت وقتا لأفعال المناسك وألزمه إياها بفرض غير موقت وجب أن يصح فعل إحرام الحج قبل أشهر الحج يوجب أفعال المناسك ويدلك على ما ذكرنا أنه يصح أن يبتدئ حجا بنذر قبل أشهر الحج فيكون موجبا للحج في وقته المشروط وإن كان إيجابه قبله ومن قال لله على أن أصوم غدا كان في هذا الوقت موجبا لصوم غد قبل وجوده فكذلك جائز أن يقال لمن أحرم بالحج قبل أشهر الحج أنه موجب للحج في أشهر الحج وإن كان فرضه وابتداء إحرامه في غيره فاقتضى ظاهر قوله تعالى (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) إيجاب فعل الحج بفرض قبلهن أو فيهن إذ كان ظاهر اللفظ يتناول الفروض في الوقتين* ويدل عليه من جهة السنة حديث ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال (من أراد الحج فليتعجل) وذلك على الإحرام وأفعاله إلا ما قال دليله مما لا يجوز تقديمه على وقته* ويدل عليه أيضا قوله في ذكر المواقيت هن لأهلهن ولمن مر عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة وذلك عموم في جواز الإحرام بالحج في أى وقت مر عليهن من السنة* ويدل عليه من جهة