فروض الصلاة يفعل بعد خروج وقتها إلا على وجه القضاء فلم يجز أن تكون الصلاة أصلا للإحرام ويمكن أن يجعل ذلك دليلا في أصل المسألة بأن يقال لما كان بعض فروض الحج مفعولا بعد أشهر الحج ويكون ذلك وقتا له كذلك جائز أن يكون إحرامه قبل أشهر الحج ويكون ذلك وقتا لأنه لو لم يجز تقديمه على أشهر الحج لما جاز تأخير شيء من فروضه عنه كالصلاة* فإن قيل لما اتفق الجميع على أن من فاته الحج لا يجوز أن يفعل بإحرامه ذلك حجا في القابل وكان عليه أن يتحلل بعمل عمرة دل ذلك على أن الإحرام بالحج في غير أشهر الحج يوجب عمرة وأنه غير جائز أن يفعل به حجا* قيل له فقد جاز أن يبقى إحرامه كاملا بعد أشهر الحج وهو يوم النحر قبل رمى الجمار حتى زعم الشافعى أنه إن جامع يوم النحر قبل رمى الجمار فسد حجه وقد ذكرنا فيما سلف وجه الاستدلال من ذلك على جواز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج إذ لم يكن يوم النحر عنده من أشهر الحج وقد جاز بقاء إحرامه بكماله فيه فدل على معنيين أحدهما سقوط سؤال السائل لنا واعتراضه بما ذكره إذ قد جاز وجود إحرام صحيح بالحج قبل أشهر الحج والمعنى الثاني أنه دل على جواز ابتداء إحرام الحج قبل أشهر الحج إذ قد جاز بقاؤه فيه على ما بيناه فيما سلف* وأما قول الشافعى في أن المحرم بالحج قبل أشهر الحج يكون محرما بعمرة فإنه قول ظاهر الاختلال والفساد لأنه لا يخلو من أن يلزمه إحرام الحج على ما عقده على نفسه أو لا يلزمه فإن لم يلزمه كان كمن لم يحرم وبمنزلة من أحرم بالظهر قبل دخول وقتها فلا يلزمه شيء ولا يكون داخلا فيها ولا في غيرها وأن يلزمه الحج فقد جاز أداء الإحرام بالحج قبل أشهر الحج وإذا صح إحرامه وأمكنه المضي فيه لم يجز له أن يتحلل منه بعمرة فإن قيل هو بمنزلة من فاته الحج فيلزمه أن يتحلل بعمرة* قيل له ليس ذلك بعمرة وإنما هو عمل عمرة يتحلل به من إحرام الحج ألا ترى أن من فاته الحج وهو بمكة أنه غير مأمور بالخروج منها إلى الحل لأجل ما لزمه من عمل العمرة إذ كان وقت العمرة لمن كان بمكة الحل ولو أراد أن يبتدئ عمرة لأمر بالخروج إلى الحل فدل ذلك على أن ما يفعله بعد الفوات ليس بعمرة وإنما هو عمل عمرة يتحلل به من إحرام الحج وإحرام الحج باق مع الفوات وأيضا فالذي فاته قد لزمه إحرام الحج وإنما احتاج إلى الإحلال منه بعمل عمرة فهل يقول الشافعى أن المحرم بالحج قبل أشهر الحج قد لزمه الحج ويتحلل منه بعمل عمرة