باب التجارة في الحج
قال الله عقيب ذكر الحج والتزود له (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) يعنى المخاطبين بأول الآية وهم المأمورون بالتزود للحج وأباح لهم التجارة فيه وروى أبو يوسف عن العلاء بن السائب عن أبى أمامة قال قلت لابن عمر إنى رجل أكرى الإبل إلى مكة أفيجزي من حجتي قال ألست تلبي فتقف وترمى الجمار قلت بلى قال سأل رجل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن مثل ما سألتنى فلم يجبه حتى أنزل الله هذه الآية (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فقال صلىاللهعليهوسلم أنتم حاج وقال عمرو بن دينار قال ابن عباس كانت ذو المجاز وعكاظ متجرا للناس في الجاهلية فلما كان الإسلام تركوا حتى نزلت (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) في مواسم الحج وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أتانى رجل فقال إنى آجرت نفسي من قوم على أن أخدمهم ويحجون بي فهل لي من حج فقال ابن عباس هذا من الذين قال الله تعالى (لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا) وروى نحو ذلك عن جماعة من التابعين منهم الحسن وعطاء ومجاهد وقتادة ولا نعلم أحدا روى عنه خلاف ذلك إلا شيئا رواه سفيان الثوري عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير قال سأله رجل أعرابى فقال إنى أكرى إبلى وأنا أريد الحج أفيجزيني قال لا ولا كرامة وهذا قول شاذ خلاف ما عليه الجمهور وخلاف ظاهر الكتاب في قوله (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فهذا في شأن الحاج لأن أول الخطاب فيهم وسائر ظواهر الآي المبيحة لذلك دالة على مثل ما دلت عليه هذه الآية نحو قوله (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ) وقوله (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ ـ إلى قوله ـ ليشهدوا منافع لهم) ولم يخصص شيئا من المنافع دون غيرها فهو عام في جميعها من منافع الدنيا والآخرة وقال تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) ولم يخصص منه حال الحج وجميع ذلك على أن الحج لا يمنع التجارة وعلى هذا أمر الناس من عصر النبي صلىاللهعليهوسلم إلى يومنا هذا في مواسم منى ومكة في أيام الحج والله أعلم.
باب الوقوف بعرفة
قال الله تعالى (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) قال أبو بكر