إليه نحو قوله تعالى (وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) وقوله (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) فإن كان كذلك فإنما هو أمر بقتال على وصف وهو أن نقاتل المشركين إذا قاتلونا فيكون حينئذ كلاما مبنيا على معهود قد علم حكمه مكرر ذكره تأكيدا وإن لم يكن راجعا إلى معهود فهو لا محالة مجمل مفتقر إلى البيان وذلك أنه معلوم عند وروده أنه لم يأمرنا بقتال الناس كلهم فلا يصح اعتقاد العموم فيه وما لا يصح اعتقاد العموم فيه فهو مجمل مفتقر إلى البيان وسنبين اختلاف أهل العلم في فرض الجهاد وكيفيته عند مصيرنا إلى قوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) إن شاء الله تعالى* وقوله (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) معناه مكروه لكم أقيم فيه المصدر مقام المفعول كقولك فلان رضى أى مرضى وقوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قد تضمنت هذه الآية تحريم القتال في الشهر الحرام ونظيره في الدلالة على مثله قوله (الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ) وقوله (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) وحدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن الليث بن سعد قال حدثني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى فإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ وقد اختلف في نسخ ذلك فقالت طائفة حكمه باق لم ينسخ وممن قال ذلك عطاء بن أبى رباح حدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن ابن جريج قال قلت لعطاء ما لهم أن ذلك لم يكن يحل لهم أن يغزوا في الشهر الحرام ثم غزوهم بعد فيه قال فحلف لي ما يحل للناس أن يغزوا في الحرم ولا في الشهر الحرام إلا أن يقاتلوا قال وما نسخت* وروى سليمان بن يسار وسعيد بن المسيب أن القتال جائز في الشهر الحرام وهو قول فقهاء الأمصار والأول منسوخ بقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقوله (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية لأنها نزلت بعد حظر القتال في الشهر الحرام وقد اختلف في السائلين عن ذلك من هم فقال الحسن وغيره إن الكفار سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك على جهة العيب للمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام وقال آخرون المسلمون سألوا