مأمور بإعلان النكاح ولذلك يجمع له الناس فكره للمرأة حضور ذلك المجمع وقد ذكر أن قوله الزانية هي التي تنكح نفسها من قول أبى هريرة وقد روى في حديث آخر عن أبى هريرة هذا الحديث وذكر فيه أن أبا هريرة قال كان يقال الزانية هي التي تنكح نفسها وعلى أن هذا اللفظ خطأ بإجماع المسلمين لأن تزويجها نفسها ليس بزنا عند أحد من المسلمين والوطء غير مذكور فيه فإن حملته على أنها زوجت نفسها ووطئها الزوج فهذا أيضا لا خلاف فيه أنه ليس بزنا لأن من لا يجيزه إنما يجعله نكاحا فاسدا يوجب المهر والعدة ويثبت به النسب إذا وطئ وقد استقصينا الكلام في هذه المسألة في شرح الطحاوي وقوله عز وجل (ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) يعنى إذا لم تعضلوهن لأن العضل ربما أدى إلى ارتكاب المحظور منهما على غير وجه العقد وهو معنى قول النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا محمد بن شاذان قال حدثنا معلى قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال سمعت عبد الله بن هرمز قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض
. باب الرضاع
قال الله تعالى (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) الآية قال أبو بكر ظاهره الخبر ولكنه معلوم من مفهوم الخطاب أنه لم يرد به الخبر لأنه لو كان خبرا لوجد مخبره فلما كان في الوالدات من لا يرضع علم أنه لم يرد به الخبر ولا خلاف أيضا في أنه لم يرد به الخبر وإذا لم يكن المراد حقيقة اللفظ الذي هو الخبر لم يخل من أن يكون المراد إيجاب الرضاع على الأم وأمرها به إذ قد يرد الأمر في صيغة الخبر كقوله (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) وأن يريد به إثبات حق الرضاع للأم وإن أبى الأب أو تقدير ما يلزم الأب من نفقة الرضاع فلما قال في آية أخرى (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) وقال تعالى (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) دل ذلك على أنه ليس المراد الرضاع شاءت الأم أو أبت وأنها مخيرة في أن ترضع أو لا ترضع فلم يبق إلا الوجهان الآخران وهو أن الأب إذا أبى استرضاع الأم أجبر عليه وإن أكثر ما يلزمه في نفقة الرضاع للحولين فإن أبى أن ينفق نفقة الرضاع أكثر منهما لم يجبر عليه