والضحاك والسدى في قوله (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ) قال لا تجعلوا الزائف بدل الجيد والمهزول بدل السمين وأما قوله (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) فإنه روى عن مجاهد والسدى لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم مضيفين لها إلى أموالكم فنهوا عن خلطها بأموالهم على وجه الاستقراض لتصير دينا في ذمته فيجوز لهم أكلها وأكل أرباحها* قوله تعالى (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة إثما كبيرا وفي هذه الآية دلالة على وجوب تسليم أموال اليتامى بعد البلوغ وإيناس الرشد إليهم وإن لم يطالبوا بأدائها لأن الأمر بدفعها مطلق متوعد على تركه غير مشروط فيه مطالبة الأيتام بأدائها ويدل على أن من له عند غيره مال فأراد دفعه إليه أنه مندوب على الإشهاد عليه لقوله تعالى (فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ) والله الموفق.
باب تزويج الصغار
قال الله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) روى الزهري عن عروة قال قلت لعائشة قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) الآية فقالت يا ابن أختى هي اليتيمة تكون في حجر وليها فيرغب في مالها وجمالها ويريد أن ينكحها بأدنى من صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن وأمروا أن ينكحوا سواهن من النساء قالت عائشة ثم أن الناس استفتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد هذه الآية فيهن فأنزل الله (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) ـ إلى قوله تعالى ـ (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) قالت والذي ذكر الله تعالى أنه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) وقوله في الآية الأخرى (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حتى تكون قليلة المال والجمال فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن قال أبو بكر وروى عن ابن عباس نحو تأويل عائشة في قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) وروى عن سعيد بن جبير والضحاك والربيع تأويل غير هذا وهو ما حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق قال حدثنا الحسن بن أبى الربيع الجرجانى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير في قوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ)