قبول شهادتهن مع الرجل في الديون وجب قبولها في كل حق لا تسقطه الشبهة إذا كان الدين حقا لا يسقط بالشبهة ومما يدل على جوازها في غير الأموال من الآية إن الله تعالى قد أجازها في الأجل بقوله (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) ثم قال (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) فأجاز شهادتها مع الرجل على الأجل وليس بمال كما أجازها في المال* فإن قيل الأجل لا يجب إلا في المال* قيل له هذا خطأ لأن الأجل قد يجب في الكفالة بالنفس وفي منافع الأحرار التي ليست بمال وقد يؤجله الحاكم في إقامة البينة على الدم وعلى دعوى العفو منه بمقدار ما يمكن التقدم إليه فقولك إن الأجل لا يجب إلا في المال خطأ ومع ذلك فالبضع لا يستحق إلا بمال ولا يقع النكاح إلا بمال فينبغي أن تجيز فيه شهادة النساء قوله تعالى (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) قال أبو بكر لما كانت معرفة ديانات الناس وأماناتهم وعدالتهم إنما هي من طريق الظاهر دون الحقيقة إذا لا يعلم ضمائرهم ولا خبايا أمورهم غير الله تعالى ثم قال الله تعالى فيما أمرنا باعتباره من أمر الشهود (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) دل ذلك على أن أمر تعديل الشهود موكولا إلى اجتهاد رأينا وما يغلب في ظنوننا من عدالتهم وصلاح طرائقهم وجائز أن يغلب في ظن بعض الناس عدالة شاهد وأمانته فيكون عنده رضى ويغلب في ظن غيره أنه ليس يرضى فقوله (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) مبنى على غالب الظن وأكثر الرأى والذي بنى عليه أمر الشهادة أشياء ثلاثة أحدها العدالة والآخر نفى التهمة وإن كان عدلا والثالث التيقظ والحفظ وقلة الغفلة أما العدالة فأصلها الإيمان واجتناب الكبائر ومراعاة حقوق الله عز وجل في الواجبات والمسنونات وصدق اللهجة والأمانة وأن لا يكون محدودا في قذف وأما نفى التهمة فأن لا يكون المشهود له والدا ولا ولدا أو زوجا وزوجة وأن لا يكون قد شهد بهذه الشهادة فردت لتهمة فشهادة هؤلاء غير مقبولة لمن ذكرنا وإن كانوا عدولا مرضيين وأما التيقظ والحفظ وقلة الغفلة فأن لا يكون غفولا غير مجرب للأمور فإن مثله ربما لقن الشيء فتقلنه وربما جوز عليه التزوير فشهد به قال ابن رستم عن محمد ابن الحسن في رجل أعجمى صوام قوام مغفل يخشى عليه أن يلقن فيأخذ به قال هذا أشر من الفاسق في شهادته وحدثنا عبد الرحمن بن سيما المحبر قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبى قال حدثنا أسود بن عامر قال حدثنا ابن هلال عن أشعث الحدانى قال قال