عدلا وصوابا ويدل على أنه لا يشبهها لأنه لو أشبهها لم يخل من أن يشبهها من جميع الوجوه أو من بعضها فإن أشبهها من جميع الوجوه فهو محدث مثلها وإن أشبهها من بعض الوجوه فواجب أن يكون محدثا من ذلك الوجه لأن حكم المشبهين واحد من حيث اشتبها فوجب أن يتساويا في حكم الحدوث من ذلك الوجه ويدل وقوف السموات والأرض من غير عمد أن ممسكها لا يشبهها لاستحالة وقوفها من غير عمد من جسم مثلها إلى غير ذلك من الدلائل المضمنة بها ودلالة الليل والنهار على الله تعالى أن الليل والنهار محدثان لوجود كل واحد منهما بعد أن لم يكن موجودا ومعلوم أن الأجسام لا تقدر على إيجادها ولا على الزيادة والنقصان فيها وقد اقتضيا محدثا من حيث كانا محدثين لاستحالة وجود حادث لا محدث له فوجب أن محدثهما ليس بجسم ولا مشبه للأجسام لوجهين أحدهما أن الأجسام لا تقدر على إحداث مثلها والثاني المشبه للجسم يجرى عليه ما يجرى عليه من حكم الحدوث فلو كان فاعلها حادثا لاحتاج إلى محدث ثم كذلك يحتاج الثاني إلى الثالث إلى ما لا نهاية له وذلك محال فلا بد من إثبات صانع قديم لا يشبه الأجسام والله أعلم.
باب فضل الرباط في سبيل الله تعالى
قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا) قال الحسن وقتادة وابن جريج والضحاك اصبروا على طاعة الله وصابروا على دينكم وصابروا أعداء الله ورابطوا في سبيل الله وقال محمد بن كعب القرظي اصبروا على الجهاد وصابروا وعدى إياكم ورابطوا أعداءكم وقال زيد بن أسلم اصبروا على الجهاد وصابروا العدو ورابطوا الخيل عليه وقال أبو مسلمة بن عبد الرحمن ورابطوا بانتظار الصلاة بعد الصلاة* وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط وقال تعالى (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) وروى سليمان عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال رباط يوم في سبيل الله أفضل من صيام شهر ومن قيامه ومن مات فيه وقى فتنة القبر ونما له عمله إلى يوم القيامة وروى عثمان عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة قيام ليلها وصيام نهارها والله الموفق.