على ما تقدم ذكره وقوله تعالى (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) فأباح لهما التراجع بعد التطليقة الثالثة بشريطة زوال ما كانا عليه من الخوف لترك إقامة حدود الله لأنه جائز أن يندما بعد الفرقة ويحب كل واحد منهما أن يعود إلى الألفة فدل ذلك على أن الثالثة مذكورة بعد الخلع* وقوله تعالى (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) يدل على جواز الاجتهاد في أحكام الحوادث لأنه علق الإباحة بالظن فإن قيل قوله تعالى (فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) عائد على قوله (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) دون الفدية المذكورة بعدها* قيل له هذا يفسد من وجوه أحدها أن قوله (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) خطاب مبتدأ بعد ذكر الاثنتين غير مرتب عليهما لأنه معطوف عليه بالواو وإذا كان كذلك ثم قال عقيب ذكر الفدية (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) وجب أن يكون مرتبا على الفدية لأن الفاء للتعقيب وغير جائز ترتيبه على الاثنتين المبدوء بذكرهما وترك عطفه على ما يليه إلا بدلالة تقتضي ذلك وتوجبه كما تقول في الاستثناء بلفظ التخصيص أنه عائد على ما يليه ولا يرد ما تقدمه إلا بدلالة ألا ترى إلى قوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) إن شرط الدخول عائد على الربائب دون أمهات النساء إذ كان العطف بالفاء يليهن دون أمهات النساء مع أن هذا أقرب مما ذكرت من عطف قوله تعالى (فَإِنْ طَلَّقَها) على قوله تعالى (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) دون ما يليه في الفدية لأنك لا تجعله عطفا على ما يليه من الفدية وتجعله عطفا على ما تقدم دون ما توسط بينهما من ذكر الفدية وأيضا فإنا نجعله عطفا على جميع ما تقدم من الفدية ومما تقدمها من التطليقتين على غير وجه الفدية فيكون منتظما لفائدتين إحداهما جواز طلاقها بعد الخلع بتطليقتين والأخرى بعد التطليقتين إذا أوقعهما على غير وجه الفدية والله أعلم.
باب المضارة في الرجعة
قال الله تعالى (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) قال أبو بكر المراد بقوله (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ) مقاربة البلوغ والإشراف عليه لا قيقته لأن الأجل المذكور هو العدة وبلوغه هو انقضاؤها ولا رجعة بعد انقضاء العدة وقد بر عن العدة بالأجل في مواضع منها قوله تعالى (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَ
«٧ ـ أحكام في»