منهم إلا الإسلام أو السيف وأهل الذمة إنما أقروا بالجزية وغير جائز أخذ الجزية من الكفار المتأولين المنتحلين للإسلام ولا يجوز أن يقروا بغير جزية فحكمهم في ذلك متى وقفنا على مذهب واحد منهم اعتقاد الكفر لم يجز إقراره عليه وأجرى عليه أحكام المرتدين ولا يقتصر في إجرائه حكم الكفار على إطلاق لفظ عسى أن يكون غلطه فيه دون الاعتقاد دون أن يبين عن ضميره فيعرب لنا عن اعتقاده بما يوجب تكفيره فحينئذ يجوز عليه أحكام المرتدين من الاستتابة فإن تاب وإلا قتل والله أعلم.
باب الاستعانة بأهل الذمة
قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) الآية قال أبو بكر بطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره ويثق بهم في أمره فنهى الله تعالى المؤمنين أن يتخذوا أهل الكفر بطانة من دون المؤمنين وأن يستعينوا بهم في خوص أمورهم وأخبر عن ضمائر هؤلاء الكفار للمؤمنين فقال (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) يعنى لا يقصرون فيما يجدون السبيل إليه من إفساد أموركم لأن الخبال هو الفساد ثم قال (وَدُّوا ما عَنِتُّمْ) قال السدى ودوا ضلالكم عن دينكم وقال ابن جريج ودوا أن تعنتوا في دينكم فتحملوا على المشقة فيه لأن أصل العنت المشقة فكأنه أخبر عن محبتهم لما يشق عليكم وقال الله تعالى (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَأَعْنَتَكُمْ) وفي هذه الآية دلالة على أنه لا تجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة وقد روى عن عمر أنه بلغه أن أبا موسى استكتب رجلا من أهل الذمة فكتب إليه يعنفه وتلا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ) أى لا تردوهم إلى العز بعد أن أذلهم الله تعالى وروى أبو حيان التيمي عن فرقد ابن صالح عن أبى دهقانة قال قلت لعمر بن الخطاب أن هاهنا رجلا من أهل الحيرة لم نر رجلا أحفظ منه ولا أخط منه بقلم فإن رأيت أن نتخذه كاتبا قال قد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين* وروى هلال الطائي عن وسق الرومي قال كنت مملوكا لعمر فكان يقول لي أسلم فإنك إن أسلمت استعنت بك على أمانة المسلمين فإنه لا ينبغي أن أستعين على أمانتهم من ليس منهم فأبيت فقال لا إكراه في الدين فلما حضرته الوفاة أعتقنى فقال اذهب حيث شئت وقوله تعالى (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً) قيل في معنى (أَضْعافاً مُضاعَفَةً) وجهان أحدهما المضاعفة بالتأجيل أجلا بعد أجل ولكل