اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) هو أمر بالقتال في سبيل الله وهو مجمل إذ ليس فيه بيان السبيل المأمور بالقتال فيه وقد بينه في مواضع غيره وسنذكره إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى وقوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) إنما هو تأكيدا لاستحقاق الثواب به إذ لا يكون قرضا إلا والعوض مستحق به وجهلت اليهود ذلك أو تجاهلت لما نزلت هذه الآية فقالوا إن الله يستقرض منا فنحن أغنياء وهو فقير إلينا فأنزل الله تعالى (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ) وعرف المسلمون معناه ووثقوا بثواب الله ووعده وبادروا إلى الصدقات فروى أنه لما نزلت هذه الآية جاء أبو الدحداح إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال يا رسول الله ألا ترى ربنا يستقرض منا مما أعطانا لأنفسنا وإن لي أرضين إحداهما بالعالية والأخرى بالسافلة وإنى قد جعلت خيرهما صدقة.
وقوله تعالى (إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا) الآية يدل على أن الإمامة ليست وراثة لإنكار الله تعالى عليهم ما أنكروه من التمليك عليهم من ليس من أهل النبوة ولا الملك وبين أن ذلك مستحق بالعلم والقوة لا بالنسب ودل ذلك أيضا على أنه لا حظ للنسب مع العلم وفضائل النفس وأنها مقدمة عليه لأن الله أخبر أنه اختاره عليهم لعلمه وقوته وإن كانوا أشرف منه نسبا وذكره للجسم هاهنا عبارة عن فضل قوته لأن في العادة من كان أعظم جسما فهو أكثر قوة ولم يرد بذلك عظم الجسم بلا قوة لأن ذلك لا حظ له في القتال بل هو وبال على صاحبه إذا لم يكن ذا قوة فاضلة قوله عز وجل (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ) يدل على أن الشرب من النهر إنما هو الكرع فيه ووضع الشفة عليه لأنه قد كان حظر الشرب وحظر الطعم منه إلا لمن اغترف غرفة بيده وهذا يدل على صحة قول أبى حنيفة فيمن قال إن شربت من الفرات فعبدي حر أنه على أن يكرع فيه وإن اغترف منه أو شرب بإناء لم يحنث لأن الله قد كان حظر عليهم الشرب من النهر وحظر مع ذلك أن يطعم منه واستثنى من الطعم الاغتراف فحظر الشرب باق على ما كان عليه فدل على أن الاغتراف ليس بشرب منه* قوله تعالى (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِ) روى عن الضحاك والسدى وسليمان بن موسى إنه منسوخ بقوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) وقوله تعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) وروى عن الحسن وقتادة أنها خاصة في أهل