(وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ) ثم أنزل التخفيف بعد ذلك فقال تعالى (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) قال أبو بكر كأنه عنده كان رضاع الحولين واجبا ثم خفف وأبيح الرضاع أقل من مدة الرضاع بقوله تعالى (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) وروى أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس مثل قتادة وروى على بن أبى طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) ثم قال فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا حرج إن أرادا أن يفطما قبل الحولين أو بعدهما والله أعلم.
باب ذكر عدة المتوفى عنها زوجها
قال الله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) والتربص بالشيء الانتظار به قال الله تعالى (فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ) وقال تعالى (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) يعنى ينتظر وقال تعالى (أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) فأمرها الله تعالى بأن يتربصن بأنفسهن هذه المدة عن الأزواج ألا ترى أنه عقبه بقوله تعالى (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ) وقد كانت عدة المتوفى عنها زوجها سنة بقوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) فتضمنت هذه الآية أحكاما منها توقيت العدة سنة ومنها أن نفقتها وسكناها كانت في تركة زوجها ما دامت معتدة بقوله تعالى (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) ومنها أنها كانت ممنوعة من الخروج في هذه السنة فنسخ منها من المدة ما زاد على أربعة أشهر وعشرا ونسخ أيضا وجوب نفقتها وسكناها في التركة بالميراث لقوله تعالى (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) من غير إيجاب نفقة ولا سكنى ولم يثبت نسخ الإخراج فالمنع من الخروج في العدة الثانية قائم إذ لم يثبت نسخه وقد حدثنا جعفر بن محمد الواسطي قال حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا حجاج عن ابن جريج وعثمان بن عطاء عن عطاء الخرسانى عن ابن عباس في هذه الآية يعنى قوله تعالى (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ) قال كان للمتوفى عنها زوجها نفقتها وسكناها سنة فنسختها آية المواريث فجعل لهن الربع أو الثمن مما ترك الزوج قال وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (لا وصية لوارث إلا أن يرضى الورثة)