عن مقدار الحاجة* واختلف الفقهاء في مقدار ما يصير به غنيا فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر إذا فضل عن مسكنه وكسوته وأثاثه وخادمه وفرسه ما يساوى مائتي درهم لم تحل له الزكاة وإن كان أقل من مائتي درهم حلت له الزكاة وقال مالك في رواية ابن القاسم يعطى من الزكاة من له أربعون درهما وروى غيره عن مالك أنه لا يعطى من له أربعون درهما وقال الثوري والحسن بن صالح لا يأخذ الزكاة من له خمسون درهما وقال عبد الله بن الحسن من لا يكون عنده ما يقوته أو يكفيه سنة فإنه يعطى من الصدقة وقال الشافعى يعطى الرجل على قدر حاجته حتى يخرجه ذلك من حد الفقر إلى الغنى كان ذلك تجب فيه الزكاة أو لا تجب ولا أجد في ذلك حدا ذكره المزني والربيع وحكى عنه أنها لا تحل للقوى المكتسب وإن كان فقيرا* والدليل على صحة ما ذكرنا من اعتبار مائتي درهم فاضلا عما يحتاج إليه ما روى عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن رجل من مزينة أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب وهو يقول من استغنى أغناه الله ومن استعفف أعفه الله ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق سأل إلحافا فدل ذكره لهذا المقدار أنه هو الذي يخرج به من حد الفقر إلى الغنى ويوجب تحريم المسألة ويدل عليه أيضا قول النبي صلّى الله عليه وسلّم أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم ثم قال في مائتي درهم خمسة دراهم وليس فيما دونها شيء فجعل حد الغنى مائتي درهم فوجب اعتبارها دون غيرها ودل أيضا على أن الذي لا يملك هذا القدر يعطى من الزكاة لأنه صلّى الله عليه وسلّم جعل الناس صنفين أغنياء وفقراء فجعل الغنى من ملك هذا المقدار وأمر بأخذ الزكاة منه وجعل الفقير الذي يرد عليه هو الذي لا يملك هذا القدر وقد روى أبو كبشة السلولي عن سهل بن الحنظلية قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول من سأل الناس عن ظهر غنى فإنما يستكثر من جمر جهنم قلت يا رسول الله ما ظهر غناه قال أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم ويعشيهم وقد روى زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بنى أسد قال أتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وسمعته يقول لرجل من سأل منكم وعنده أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا والأوقية يومئذ أربعون درهما وروى محمد بن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يسأل عبد مسألة وله ما يغنيه إلا جاءت شيئا أو كدوحا أو خدوشا في وجهه يوم القيامة قيل يا رسول الله وما غناه قال خمسون درهما أو حسابها من الذهب وهذه واردة في