أطلق عنه* قال أبو بكر قد بينا ما احتج به كل فريق من مبطلى الحجر ومن مثبتيه من دلالة آية الدين وقد بينا أن الأظهر من دلالتها بطلان الحجر وجواز التصرف واحتج مثبتوا الحجر بما روى هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن جعفر أتى الزبير فقال إنى ابتعت بيعا ثم أن عليا يريد أن يحجر على فقال الزبير فإنى شريكك في البيع فأتى على عثمان فسأله أن يحجر على عبد الله بن جعفر فقال الزبير أنا شريكه في هذا البيع فقال عثمان كيف أحجر على رجل شريكه الزبير قالوا فهذا يدل على أنهم جميعا وقد رأوا الحجر جائزا ومشاركة الزبير ليدفع الحجر عنه وكان ذلك بمحضر من الصحابة من غير خلاف ظهر من غيرهم عليهم* قال أبو بكر لا دلالة في ذلك على أن الزبير رأى الحجر وإنما يدل ذلك على تسويغه لعثمان الحجر وليس فيه ما يدل على موافقته إياه فيه وذلك لأن هذا حكم سائر المسائل المختلف فيها من مسائل الاجتهاد وأيضا فإن الحجر على وجهين أحدهما الحجر في منع التصرف والإقرار والآخر في المنع من المال وجائز أن يكون الحجر الذي رآه عثمان وعلى هو المنع من ماله لأنه جائز أن يكون سن عبد الله بن جعفر في ذلك الوقت خمسا وعشرين سنة وأبو حنيفة يرى أن لا يدفع إليه ماله قبل بلوغ هذه السن إذا لم يؤنس منه رشد وهذا عبد الله بن جعفر هو من الصحابة وقد أبى الحجر فكيف يدعى فيه اتفاق الصحابة ويحتجون أيضا بما روى الزهري عن عروة عن عائشة أنه بلغها أن ابن الزبير بلغه أنها باعت بعض رباعها فقال لتنتهين وإلا حجرت عليها فبلغها ذلك فقالت لله على أن لا أكلمه أبدا قالوا فهذا يدل على أن ابن الزبير وعائشة قد رأيا الحجر إلا أنها أنكرت عليه أن تكون هي من أهل الحجر فلو لا ذلك لبينت أن الحجر لا يجوز ولردت عليه قوله* قال أبو بكر قد ظهر النكير منها في الحجر وهذا يدل على أنها لم تر الحجر جائزا لو لا ذلك لما أنكرته إن كان ذلك شيئا يسوغ فيه الاجتهاد وما ظهر منها من النكير يدل على أنها كانت لا تسوغ الاجتهاد في جواز الحجر* فإن قيل إنما لم تسوغ الاجتهاد في الحجر عليها فأما في الحجر مطلقا فلا ولو كانت لا تسوغ الاجتهاد في جواز الحجر لقالت إن الحجر غير جائز فتكتفى بذلك في إنكارها الحجر عليها* قيل له قد أنكرت الحجر على الإطلاق بقولها لله على أن لا أكلمه أبدا ودعواك أنها أنكرت الحجر عليها خاصة دون إنكارها لأصل الحجر لا دلالة معها ومما يدل على بطلان الحجر ماحدثنا به