البحث :
تقدّم لنا في الجزء الأول أنّ «إن» تجزم فعلين مضارعين ، يترتّب حصول أولهما على حصول الثاني ، وهنا نأتي على بقية الأدوات التي تعمل هذا العمل فنقول :
كل مثال من الأمثلة الأربعة الأولى السابقة ، يشتمل على فعلين مضارعين ، إذا نظرنا إليهما من جهة اللفظ وجدناهما مجزومين ، وإذا نظرنا إليهما من جهة المعنى ، وجدنا أن حصول أولهما شرط في حصول الثاني ، أو أن حصول الثاني جزاء لوقوع الأول ؛ فالمثال الأول يفيد أن الإفراط في الأكل شرط في حصول التخمة ، أو أن التخمة جزاء الإفراط في الأكل ، ومن أجل ذلك يسمى الفعل الأول فعل الشرط ، ويسمى الثاني ، جوابه وجزاءه ، وهنا نتساءل ما الذي أوجب جزم الفعلين في كل مثال؟ وما الذي أفاد ثانيهما على أولهما. إنا إذا اختبرنا الأمثلة واحدا واحدا لم نجد سببا سوى دخول «من» فهي التي جزمت ، وهي التي أفادت الشرط ولذلك سميت أداة شرط جازمة.
وإذا فحصنا عما تدل عليه كلمة «من» في كل مثال من الأمثلة التي عندنا ، وكذلك في كل مثال تأتي فيه ، وجدناها لا تدل إلّا على العاقل.
وإذا نظرنا إلى الأمثلة الأربعة الأخيرة وجدنا كل مثال فيها مشتملا أيضا على فعلين مضارعين مجزومين ، حصول أولهما شرط في حصول ثانيهما على نحو ما تقدم ، وإذا تساءلنا هنا أيضا ما الذي أوجب جزم الفعلين في كل مثال؟ وما الذي أفاد الشرط؟ لم نجد سببا سوى دخول «ما» ، فهي إذا كمن تجزم مضارعين وتفيد الشرط ، غير أنها تدل دائما على غير العاقل.
هذا ، وهناك أدوات أخرى تعمل هذا العمل وتفيد الشرط ، وإليك بيانها وإجمال معانيها :
إذ ما وهي كإن تفيد الشرط |
ومثالها |
إذ ما تفعل شرّا تندم. |
مهما وهي لغير العاقل كما |
ومثالها |
مهما تنفق في الخير يخلفه الله. |
متى وهي للزّمان |
ومثالها |
متى يسافر أخي أسافر معه. |
أيان وهي للزّمان |
ومثالها |
أيان تناد أجبك. |
أين وهي للمكان |
ومثالها |
أين تذهب أصحبك. |
أنّى وهي للمكان |
ومثالها |
أنى ينزل ذو العلم يكرم. |