البحث :
تأمل المثالين الأولين من الأمثلة المتقدمة تجد أن الاسم الذي بعد الواو فيهما منصوب غير تابع لما قبله في الإعراب ، فما السبب في ذلك أليست الواو هنا واو العطف؟ نعم الواو هنا غير عاطفة ؛ لأن العاطفة تقتضي اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في نسبة الحكم إليهما كما تقدم ، والاشتراك هنا غير موجود ؛ لأن السير لا يمكن أن يصدر من طلوع الفجر ، والحضور لا تصح نسبته إلى الغروب ، وإذا لم تكن هذه الواو عاطفة فما ذا تكون إذا؟ إنا لو تدبرنا معنى المثالين لوجدنا الواو بمعنى «مع» في كلّ منهما ، فهي واو تفيد المصاحبة والمعية ، والاسم بعدها يكون منصوبا دائما على أنه مفعول معه.
وإذا تأملت المثالين الثانيين وجدت هناك اشتراكا في الحكم بين الاسم الذي بعد الواو والاسم الذي قبلها ، ووجدت ثاني الاسمين تابعا لأولهما في إعرابه ، فالواو التي بينهما إذا هي واو العطف المعروفة لك ، ولا يمكن أن تكون واو المعية ؛ لأن كلّا من الفعلين تخاصم واشتراك لا يمكن صدوره من واحد. بل لا بد من صدوره من متعدد ، فلو كانت الواو للمعية لكان معنى ذلك أن الفعل الذي لا يصدر إلا من متعدد صادر من واحد ، وهذا غير معقول.
وإذا تدبرت المثالين الأخيرين وجدت الفعل في كل منهما يصح أن يكون واقعا من الشخصين معا ، كما يصح أن يكون واقعا من أولهما بمصاحبة الثاني ، وعلى الوجه الأول تكون الواو عاطفة ، والاسم الثاني مرفوعا بالتبعية ، وعلى الثاني تكون الواو للمعية والاسم الثاني منصوبا على أنه مفعول معه.
القواعد
(١٧١) واو العطف تفيد اشتراك ما قبلها وما بعدها في نسبة الحكم إليهما ، والاسم بعدها يكون تابعا لما قبله في إعرابه.
(١٧٢) واو المعيّة لا تفيد اشتراك ما قبلها وما بعدها في الحكم بل تدلّ على المصاحبة ، والاسم بعدها يكون منصوبا دائما على أنه مفعول معه.
(١٧٣) تتعيّن الواو للمعيّة إذا كان هناك مانع من العطف.
(١٧٤) تتعيّن الواو للعطف بعد ما لا يتأتى وقوعه إلا من متعدّد.
(١٧٥) إذا صحّ العطف ولم يجب جاز أن تكون الواو للعطف وأن تكون للمعيّة.