فأما قولهم «ثور» و «ثيرة» فشاذ ، وكأنهم (١) فرقوا بالقلب بين جمع «ثور» من الحيوان وجمع «ثور» من الأقط (٢) ، لأنهم يقولون في «ثور» الأقط : «ثورة» على القياس فأما «حيل» و «قيم» فإن الواو فيهما لما انقلبت في الواحدة ضرورة لانكسار ما قبلها قلبت أيضا في الجمع ، فقيل «قيم» و «حيل». وأما «حياض» و «رياض» (٣) و «ثياب» ونحو ذلك فإنما قلبت واوه ياء لسكونها في الواحد ، ومجيئها في الجمع بعد كسرة ، وقبل ألف ، ولام الفعل فيها صحيح ، لا بدّ في هذا الموضع من ذكر هذه الأربعة الأشياء وإلا فسدت العلة ونقصت.
فإن قلت : فأنت تعلم أن أصل «غازية» (٤) و «محنية» (٥) : «غازوة» و «محنوة» لأنهما من «غزوت» و «حنوت» وقد قلبت الواو فيهما للكسرة قبلها ، وهما مع ذلك متحركتان. وكذلك «داعية» و «قاصية» و «عافية» و «راجية» لأن الأصل «داعوة» و «قاصوة» و «عافوة» و «راجوة» لأنها من «دعوت» و «قصوت» و «عفوت» و «رجوت».
فالجواب : أنه إنما أعل ذلك وإن كان متحركا من قبل أنه لام الفعل ، فضعف ، وأما الفاء والعين فقويتان ، فسلمتا لقوتهما ، وإذا كان القلب في العين قد جاء في نحو «ثيرة» و «سياط» فهو في اللام أجوز وأسوغ. فأما قولهم «الفتوّة» و «النّدوّة» و «الفتوّ» ، قال (٦) :
في فتوّ أنا رابئهم |
|
من كلال غزوة ماتوا (٧) |
__________________
(١) هذا قول المبرد كما في المنصف (١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧).
(٢) الأقط : شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك ، والقطعة منه أقطة. اللسان (٧ / ٢٥٧).
(٣) رياض : جمع روضة وهي الأرض ذات الخضرة. اللسان (٧ / ١٧٢).
(٤) غازية : اسم فاعل من غزا يغزو أي سار إلى قتال العدو. اللسان (١٥ / ١٢٣).
(٥) المحنية : واحدة المحاني وهي معاطف الأودية. لسان العرب (١٤ / ٢٠٤).
(٦) البيت لجذيمة الأبرش كما في طبقات فحول الشعراء (ص ٣٨).
(٧) الرابئ : الذي يعلو جبلا يرقب للقوم لئلا يدهمهم عدو. لسان العرب (١ / ٨٢). والمراد بماتوا هنا : سكنوا وسكنت أعضاؤهم من الإعياء. الكلال : التعب. ويروى : (في شباب أنا رابئهم) ، والشاهد بينه المؤلف في المتن. الإعراب : فتو : اسم مجرور بـ «في» وعلامة الجر الكسرة.