وطرد أيضا هذا الآخذ من سيبويه في غير هذه اللفظة ، فقال في قولهم : «أرض داويّة» : إنه أراد «دوّيّة» فأبدل من الواو الأولى الساكنة التي هي عين «دوّ» ألفا.
قال ذو الرمة (١) :
دوّيّة ودجى ليل كأنّهما |
|
يمّ تراطن في حافاته الروم (٢) |
قال أبو علي (٣) : وهذه دعوى من قائلها لا دلالة عليها ، وذلك أنه يجوز أن يكون بني من «الدّوّ» فاعلة ، فصارت «داوية» بوزن «زاوية» ثم إنه ألحق الكلمة ياءي النسب ، وحذف اللام ، كما تقول في الإضافة إلى «ناجية» : «ناجيّ» وإلى «قاضية» : «قاضيّ» وكما قال علقمة (٤) :
كأس عزيز من الأعناب عتّقها |
|
لبعض أربابها حانيّة حوم (٥) |
فنسبها إلى «الحاني» بوزن «القاضي».
وكما قالوا : «رجل ضاويّ» إنما هو منسوب إلى «فاعل» من «الضّوى» (٦) وهو «ضاو» ولحقتا في «ضاويّ» كما لحقتا في «أحمر وأحمريّ» و «أشقر وأشقري» (٧) والمعنى واحد.
__________________
(١) في ديوانه (ص ٤١٠).
(٢) الدوية والداوية : المفازة المستوية. تراطنهم : كلام لا يفهمه الجمهور. حافاته : جوانبه ، ونواصيه. دجى الليل : سواده مع غيم. والشاعر يصف الصحراء أثناء الليل وكأنهما بحر هائج يموج بمن فيه. والشاهد فيه (دوية» حيث جاءت على الأصل بدون قلب.
(٣) انظر / المسائل الحلبيات (ص ٨١).
(٤) ديوانه (ص ٦٨) وكتاب الاختيارين (ص ٦٤١) ، ونسبه صاحب اللسان إلى علقمة بن عبدة مادة (حوم).
(٥) الشاعر يتحدث عن الخمر ويصفها بأنها كأس عزيز على أصحابها ومصنوعة من الأعناب ، ويحوم حولها الجميع. والشاهد فيه : (حانية) حيث نسبها إلى الحاني.
(٦) الضوى : دقة العظم ، والضعف والهزال.
(٧) أشقر : الأحمر في الدواب.