وأنشدنا (١) :
كأنّ حدّاء قراقريّا (٢)
يريد : قراقرا ، وهذا كثير واسع ، فعلى هذا يجوز أن تكون «الدّوايّة» منسوبة إلى «فاعلة» من «الدّوّ». وأما ما قرأته على أبي علي في نوادر أبي زيد من قول عمرو بن ملقط جاهلي (٣) :
والخيل قد تجشم أربابها الشّ |
|
قّ وقد تعتسف الدّوايه (٤) |
فإن شئت قلت : إنه بنى من «الدّوّ» «فاعلة» (٥) ، فصارت في التقدير «داووة» ثم قلب الواو الآخرة التي هي لام ياء لانكسار ما قبلها ووقوعها طرفا ، فصارت «داوية». وإن شئت قلت : أراد «الداويّة» المحذوفة اللام كالحانيّة ، إلا أنه خفف ياء الإضافة كما خفف الآخر فيما أنشده أبو زيد ، وأنشدناه أبو علي (٦) :
بكّي بعينك واكف القطر |
|
ابن الحواري العالي الذّكر (٧) |
يريد : ابن الحواريّ. وهذا شيء اعترض ، فقلنا فيه ، ثم نعود.
__________________
(١) البيت في جمهرة اللغة (٣ / ٤٣٣) والخصائص (٣ / ١٠٥).
(٢) قراقر وقراقري : حسن الصوت. وفي الجمهرة واللسان (وكان) بدلا من (كأنّ) وقبله في الجمهرة : (أبكم لا يكلّم المطيّا).
(٣) النوادر (ص ٢٦٨) وشرح المفصل (١٠ / ١٩) والخزانة (٣ / ٦٣٣) ، واللسان (١٠ / ١٨٣).
(٤) تجشم أربابها : تكلفه على المشقة. والشق : الجهد والعناء. والمعنى أن الخيل يتحمل أصحابها المشقة والتعب وهي تجوب الصحراء. والشاهد فيه (الداوية).
(٥) هذا قول أبي علي الفارسي كما في المسائل البغداديات (ص ٣٩٥).
(٦) البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات كما في النوادر (ص ٥٢٧) ، وهو في ملحقات ديوانه (ص ١٨٣) منقولا عن النوادر ، وهو بغير نسبة في المسائل الحلبيات ، وذكره صاحب اللسان وقد نسبه لابن دريد مادة (حور) (٤ / ٢٢٠).
(٧) أكف القطر : كف الدمع والماء كفا : سال. ابن الحواري : يريد به مصعب بن الزبير. والشاهد فيه (الحواريّ) حيث حذفت الياء تخفيفا يريد (ابن الحواريّ).