إعرابه تقدير حركة إعراب لئلا يبقى في الأحوال الثلاث على صورة واحدة ، كما تبقى جميع الأسماء المقصورة فيها كذلك ، عوّضوه من الإعراب الذي منعوه حرف إعرابه نونا ، وأبدلوا من ألفه في الرفع ياء في الجر والنصب ؛ ليدلوا بذلك على تمكنه وأنه معرب غير مبني كـ «متى» و «إذا» و «أنّى» فكان ذلك أحوط وأحزم.
فإن قلت : فهلا نووا في الألف أنها في موضع حركة كما نووا ذلك في جميع المقصور ، ثم إنهم أبدلوا الألف ياء ليدلوا على تمكن الاسم ، ولم يعوضوه من الحركة نونا لأنها منوية مرادة ، فقالوا : قام الزيدا ، ومررت بالزيدي ، وضربت الزيدي؟
فالجواب : أن ما قدمناه يمنع من ذلك ، وهو أنهم لو نووا في الياء حركة وما قبلها مفتوح ، لوجب أن يقلبوها ألفا ، فكان يجب على هذا أن يقولوا إذا لم يأتوا بالنون : قام الزيدا ، ورأيت الزيدا ، ومررت بالزيدا ، فيعود الكلام من الإشكال واللبس إلى ما هربوا منه ، فتركوا ذلك لذلك.
ونظير ألف التثنية في أنها حرف إعراب وعلامة التثنية ألف التأنيث في نحو : حبلى ، وسكرى ، ألا تراها حرف إعراب وهي علم التأنيث ، إلا أنهما يختلفان في أن حرف التثنية لا نية حركة فيه ، وأن ألف حبلى فيها نية الحركة.
قال أبو علي : ويدل على أن الألف في التثنية حرف إعراب صحة الواو في «مذروان» (١). قال : ألا ترى أنه لو كانت الألف إعرابا أو دليل إعراب ، وليست مصوغة في جملة بناء الكلمة متصلة بها اتصال حرف الإعراب بما قبله ، لوجب أن تقلب الواو ياء ، فيقال : «مذريان» لأنها كانت تكون على هذا القول طرفا كلام «معزى» و «مدعى» و «ملهى» ، فصحة الواو في «مذروان» دلالة على أن الألف من جملة الكلمة ، وأنها ليست في تقدير الانفصال الذي يكون في الإعراب.
قال : فجرت الألف في «مذروان» مجرى الألف في «عنفوان» (٢) وإن اختلفت النونان. وهذا حسن في معناه.
فأما قولهم «قشوت العود» (٣) فشاذ غير مقيس عليه غيره.
__________________
(١) مذروان : الجانبان من كل شيء. لسان العرب (١٤ / ٢٨٥) مادة / ذرا.
(٢) عنفوان : عنفوان الشيء أوله ، ويقال هو في عنفوان شبابه : في نشاطه وحدته.
(٣) قشوت : قشوت العود : قشرته وخرطته. لسان العرب (١٥ / ١٨٢) مادة / قشا.