وهذا الذي رآه أبو علي حسن جدا ، ويشهد بقوته أن من رأى صرف المؤنث المعرفة إذا كان ثلاثيا ساكن الأوسط نحو «جمل» و «دعد» لخفته بسكون وسطه ، يرى مثل ذلك سواء في نحو «دار» و «نار» إذا سمّى بهما مؤنثا وإن كانت الألف تدل على أن العين محركة في الأصل ، وأصلهما «دور» و «نور» إلا أن تلك الحركة في العين لما لم تظهر إلى اللفظ لم يعتد بها ، ولم تجر الكلمة وإن كانت مقدرة حركة العين مجرى «قدم» و «فخذ» إذا صارا علمين لمؤنث في ترك صرفهما كما يترك صرفهما ، فكذلك أيضا لما كان الإعراب في رأيت الزيدين ، ومررت بالزيدين على مذهب أبي عمر معنى لا لفظا ، جاز أن يعوض من الحركة التي كان ينبغي للاسم أن يحرّك حرف إعرابه بها نون في الزيدين والعمرين ، ونظائره كثيرة ، فهذا يؤيد ما رآه أبو علي لقياس مذهب أبي عمر.
ولو أن قائلا قال : قياس قول أبي عمر أن تكون النون في تثنية المنصوب والمجرور عنده عوضا من التنوين وحده ، لأن الانقلاب قد قام مقام الحركة ، لم أر به بأسا.
فإن قلت : فإذا كان الأمر كذلك فقد يجب على قول أبي عمر أن تكون النون محذوفة مع اللام في موضع الجر والنصب إذا كانت عوضا من التنوين الذي يحذف مع اللام ، وثابتة في حال الرفع معها لأنها عوض من الحركة معها على ما بيّنّاه في حرف النون ، فكان يلزم أبا عمر أن يقول قام الزيدان ، وضربت الزيدي ، ومررت بالزيدي.
فالجواب : أن النون على هذا القول وإن كانت في حال الجر والنصب عوضا من التنوين وحده ، فإنها لم تحذف مع اللام كما يحذف التنوين معها ، من حيث كانت النون أقوى من التنوين إذ كانت ثابتة في الوصل والوقف متحركة ، والتنوين يزيله الوقف ، وهو أبدا ساكن إلا أن يقع بعده ما يحرّك له ، فلما كانت النون أقوى من التنوين لم تقو اللام على حذفها كما قويت على حذف التنوين.
وأما قول الفراء وأبي إسحاق الزيادي «إن الألف هي الإعراب» فهو أبعد الأقاويل من الصواب. قال أبو علي : يلزم من قال إن الألف هي الإعراب أن يكون الاسم متى حذفت منه الألف دالا من معنى التثنية على ما كان يدل عليه والألف فيه ؛ لأنك لم تعرض لصيغة الاسم ، وإنما حذفت إعرابه ، فسبيل معناه أن يكون قبل