الحذف وبعده واحدا ، كما أن «زيدا» ونحوه متى حذفت إعرابه فمعناه الذي كان يدل عليه معربا باق فيه بعد سلب إعرابه. ويفسده أيضا شيء آخر ، وهو أن الألف لو كانت إعرابا لوجب أن تقلب الواو في «مذروان» ياء لأنها رابعة ، وقد وقعت طرفا ، والألف بعدها إعراب كالضمة في «زيد» و «بكر» ، وقد تقدم هذا ونحوه من باب «ثنايين» و «مقتوين».
وقال أبو علي : سرق الزيادي هذا القول من لفظ سيبويه «إن الألف حرف الإعراب» قال : معناه عند الزيادي أن الألف هو الحرف الذي يعرب به ، كما تقول «ضمة الإعراب» أي : الضمة التي يغرب بها.
ويدلك أيضا على أن ألف التثنية ليست إعرابا ولا دليل إعراب ، وجودك إياها في اسم العدد نحو : واحد اثنان ، فكما أن جميع أسماء الأعداد مبنية لأنها كالأصوات نحو : ثلاثه ، أربعه ، خمسه ، فكذلك «اثنان» لا إعراب فيه ، ولو قال لك إنسان : الفظ لي بالتثنية غير معربة لم تقل إلا «الزيدان» بالألف.
وكذلك أيضا أسماء الإشارة نحو هذان وهاتان ، والأسماء الموصولة نحو اللذان واللتان ، لا إعراب في شيء منها ، وهي بالألف كما ترى.
وكذلك الألف في النداء إذا قلت «يا رجلان» ألا ترى أن الكلمة غير مرفوعة ، وإنما هي في موضع المبني على الضم في نحو «يا رجل» لأن الاسم في التثنية معرفة كحاله قبل التثنية ، ألا تراك تقول : يا رجلان الظريفان ، كما تقول : يا رجل الظريف.
وإنما فعلوا هذا في هذه الأشياء التي ليست معربة ، وألحقوها أيضا بعد الألف النون لئلا يختلف حال التثنية ، فيكون مرة بالألف والنون ، ومرة بلا ألف ولا نون ، فجعلوها بلفظ واحد.
وقد تقدمت الدلالة في حرف النون على أن النون في نحو «هذان» و «اللذان» ليست بعوض من الحركة والتنوين ، إذ موجب ترك الحركة والتنوين في الواحد موجود الآن في التثنية ، وأنه إنما لحقت النون هنا لئلا يختلف الباب. وجميع ما ذكرناه في الألف من الخلاف واقع في واو الجمع نحو «الزيدون» و «العمرون». وإنما تركنا ذكر ذلك في حرف الواو لأنا كنا أجمعنا القول عليه في باب ألف التثنية.