فأما قول الشاعر (١) :
يخطّ لام ألف موصول |
|
والزاي والرّا أيّما تهليل (٢) |
فإنما أراد «الراء» ممدودة ، فلم يمكنه ذلك لئلا ينكسر الوزن ، فحذف الهمزة من الراء ، وجاء بذلك على قراءة أبي عمرو في تخفيف الأولى من الهمزتين إذا التقتا من كلمتين ، وكانتا جميعا متفقتي الحركتين نحو قوله فقد جا أشراطها (محمد : ١٨) وإذا شا أنشره (عبس : ٢٢) على ما يرويه أصحابه من القراء عنه ، فكذلك كان أصل هذا : «والزاي والراء أيما تهليل» فلما اتفقت الحركتان حذف الأولى من الهمزتين كما حذفها أبو عمرو.
فإن قلت : ولم حذف أبو عمرو الأولى من الهمزتين ، وإنما ارتدع عند الثانية ، وهلا حذف الهمزة الآخرة التي انتهى دونها ، وارتدع عندها؟ (٣)
فالجواب : أنه قد علم أن ههنا همزتين ، وقد اعتزم حذف إحداهما ، فكان الأحرى بالحذف عنده التي هي أضعفهما ، والهمزة الأولى أضعف من الثانية في مثل هذا ؛ ألا ترى أن الهمزة من «جاء» لام ، وأن الهمزة من «أشراط» قبل الفاء ، والفاء أقوى من العين ، والعين أقوى من اللام ، وما قبل الفاء أشدّ تقدما من الفاء التي هي أقوى من العين التي هي أقوى من اللام ، فكان الحذف بما هو آخر أولى منه بما هو أول ، فلذلك حذف أبو عمرو الأولى لضعفها بكونها آخرا ، وأقر الثانية لقوتها بكونها أولا.
فهذا أحد ما يصلح أن يحتج به لأبي عمرو ـ رحمه الله ـ في حذفه الأولى من الهمزتين إذا كانتا من كلمتين ومتفقتي الحركتين.
وسألت أبا علي عن هذا الذي ذكرناه في «باء» و «تاء» ونحوهما ، فقلت : ما تقول في هذه الألف التي قبل الهمزة؟
أتقول : إنها منقلبة عن واو أو ياء ، أو تقول : إنها غير منقلبة؟
__________________
(١) البيت في اللسان في مادة (زيا) (١٤ / ٣٦٧) ، والخزانة (١ / ٥٦).
(٢) الشاهد فيه (الرا) حيث أراد الراء ممدودة فاسمها (الراء) وليس (الرا).
(٣) وارتدع عندها : تراجع عندها.