وأما من قال «زي» وأجراها مجرى «كي» فإنه إذا اشتق منها «فعّلت» كملها قبل اسما ، فزاد على الياء ياء أخرى ، كما أنه إذا سمّى رجلا بـ «كي» ثقّل الياء ، فقال : هذا كيّ ، وكذلك تقول أيضا «زيّ» ثم تقول منه «فعّلت» : «زيّيت» كما تقول من «حييت» : «حيّيت».
فإن قلت : فإذا كانت الياء من «زي» في موضع العين فهلّا زعمت أن الألف من «زاي» ياء لوجودك العين في «زي» ياء؟
فالجواب : أن ارتكاب هذا خطأ من قبل أنك لو ذهبت إلى هذا لحكمت بأن «زي» محذوفة من «زاي» والحذف ضرب من التصرف ، وهذه الحروف كما تقدم جوامد لا تصرف في شيء منها.
وأيضا فلو كانت الألف في «زاي» هي الياء في «زي» لكانت منقلبة ، والانقلاب في هذه الحروف مفقود غير موجود.
وعلّقت عن أبي علي في شرح الكتاب لفظا من فيه قال : من قال «اللاء» فهو عنده كالباب ، ومن قال «اللائي» فهو عنده كالقاضي ، قال : ولا يكون «اللاء» محذوفا من «اللائي». فإذا لم يجز الحذف في هذه الأسماء التي توصف ويوصف بها ، ويحقّر كثير منها ، وتدخل عليها لام التعريف المختصة بالأسماء ، فأن لا يجوز الحذف في حروف الهجاء التي هي جوامد أبدا أحرى. ولو جمعتها لقلت في القولين جميعا «أزياء» و «أزي».
فأما قولنا «ألف» فأمرها ظاهر ، ووزنها «فعل» وعينها ولامها صحيحتان كما ترى.
وأما الألف الساكنة التي هي مدّة بعد اللام في قولهم «و. لا. ي» فلا يجوز أن تسميها كما تسمي أول ما تجده في لفظك من «ضرب» بقولك «ضاد» وثانيه بقولك «راء» وثالثه بقولك «باء» من قبل أنك تجد في أوائل هذه الحروف التي تسميها بهذه الأسماء المبنية لفظ الحرف الذي تريده ، والألف أبدا ساكنة ، فلا يمكن تسميتها لأنه كان يلزمك أن توقع الألف الساكنة أوّل ذلك الاسم المبني ، والساكن لا يمكن ابتداؤه ، فرفض ذلك لذلك ، وقد تقدم ذكر هذا.